له ـ وهو قوله : وضعت وخرج به أعنى قوله : فيما وضعت له الكلمة المستعملة فيما لم يوضع له ، وهي ـ أعنى المستعملة فيما لم توضع له قسمان : أحدهما : الكلمة المستعملة غلطا في التلفظ مع القصد لغير ما استعملت فيه ، كقولك : خذ هذا الكتاب مشيرا لفرس فلا تسمى حقيقة ، لأنه أعنى : بالكتاب لم يوضع للفرس واحترزنا بقولنا مع القصد الخ من الغلط بدون القصد لغير ما استعملت فيه ، كما إذا رأيت عمرا وظننته زيدا فقلت : جاء زيد فإذا هو عمر ؛ فالغلط هنا في القصد ، فقد استعملت فيما وضعت له في زعم المتكلم ، ولو غلط في قصده ؛ فهي حقيقة ، ولا يقال : في الوجه الأول استعمال وضع فيحتاج إلى أن يراد فيما وضعت له قصدا لإخراج الغلط ؛ لأنها وضعت للمعنى الذي وقع الغلط فيه بذلك الاستعمال إلا أنه لم يقصد ؛ لأنا نقول : الوضع إما تعيين اللفظ للمعنى قبل الاستعمال ؛ وإما كثر الاستعمال في الشيء حتى صار حقيقة فيه ؛ وكلاهما منفي عن الغلط بالمعنى الأول.
والآخر من القسمين : المجاز المستعمل في غير ما لم يوضع له مطلقا أعني لم يوضع له في اصطلاح التخاطب ولا في غيره ـ كقولك : رأيت أسدا في الحمام ، فإن استعمل الأسد في الرجل الشجاع استعمال فيما لم يوضع له في اصطلاح ما ولا يقال : الأسد استعارة وسيأتي أنها موضوعة بتأويل دخول الرجل الشجاع في جنس الموضوع ؛ فيصدق أنه كلمة استعملت فيما وضعت له في الجملة ؛ لأنا نقول : إذا أطلق الوضع ولم يقيد بتأويل ولا تحقيق انصرف إلى الوضع بالتحقيق ؛ وهو الذي لا تأويل فيه ، فلا يتوهم دخول هذه الاستعارة.
وخرج بقوله : فى اصطلاح التخاطب المجاز المستعمل فيما وضع له ، لكن لا فى اصطلاح التخاطب ، بل وضع له في اصطلاح آخر ؛ وباعتبار اصطلاح التخاطب صار مجازا ؛ لأنه فيه أعني : اصطلاح التخاطب ـ مستعمل في غير ما وضع له ؛ كالصلاة إذا استعملها الشارع في الدعاء فإنها مجاز ؛ لأنه استعملها في غير ما وضعت له في اصطلاحه ؛ وإن كانت موضوعة له في اصطلاح اللغة ؛ وإنما خرج نحو هذا لأنه لا يصدق عليه أنها كلمة استعملت فيما وضعت له في اصطلاح التخاطب الذي هو