اصطلاح الشارع ؛ لأنه هو المخاطب ؛ إذا المعنى الذي وضع له لفظ الصلاة هو الأركان المخصوصة من إحرام وركوع وسجود وقراءة ؛ ولم يستعملها فيه ، وإنما استعملها في غيره الذي هو الدعاء ، فهي باعتبار اصطلاحه مجاز ، وباعتبار اصطلاح اللغة حقيقة.
والمراد بنسبة الكلمة لاصطلاح التخاطب كون المتكلم بها كانت في لغته وظهرت على لسانه ، سواء كان هو الواضع لها ، أو كان الواضع لها غيره ؛ كما هو الراجح أن اللغة توقيفية لا اصطلاحية ، فلا يراد أن يقال : نسبة الكلمة للاصطلاح تقتضي اقتصار التعريف على القول بأن الأوضاع اصطلاحية.
وإنما جزمنا بأن قوله : فى اصطلاح التخاطب يتعلق بقوله : فيما وضعت لا بقوله : المستعملة كما قيل ؛ لأنه لا يصح إلا بتكلف ؛ وذلك أن المعهود كون الاصطلاح ظرفا للوضع أو سببا له ، لا للاستعمال ؛ فيقال : وضع هذا اللفظ في اصطلاحهم لكذا ؛ أي : وضع في جملة ما اصطلحوا على وضعه لكذا ؛ أو بسبب اصطلاحهم لكذا ؛ ولا يقال : استعمل في اصطلاحهم لكذا ؛ إلا أن يكون استعمل بمعنى وضع ، وأما إن بقي على أصله وهو التكلم والنطق بالمستعمل فلا معنى له ؛ إذا لا معنى لقولك : نطق فلان بهذا اللفظ في اصطلاحهم ؛ لأن النطق ليس معه اصطلاح ، بل النطق بالقصد أصله اصطلاح على وضع المنطوق به ، وذلك الأصل سابق ، فلا يقال استعمل فيه إلا أن يراد : استعمل بسببه وبرعايته فيعود إلى معنى أن الاستعمال الذي إنما يحصل بحال النطق له تعلق بما وضع بالاصطلاح. وأيضا المتبادر أن اللفظ المستعمل في كذا معناه : أن اللفظ أطلق على ذلك لكذا فيلزم أن الكلمة أطلقت على الاصطلاح ؛ ولا معنى له وأيضا إذا علق قوله : في اصطلاح التخاطب بالمستعملة بقي الوضع عاما فيلزم دخول المجاز المستعمل في اصطلاح التخاطب ؛ أي : في خطاب المتكلم فيما وضع له لكن في اصطلاح آخر ؛ كما في استعمال الشارع الصلاة في الدعاء وإن أريد : المستعملة في اصطلاحه ؛ أي : في المعنى المصطلح عليه عند صاحب الخطاب وهو ما وضعت له باصطلاحه عاد إلى المدعي بتكلف ؛ ولذلك قلنا : لا يصح إلا بتكلف وأيضا إذا علق به في الاصطلاح وهو مجرور