الشمس استعير في غير معناه الأصلي ، وذلك الغير هو الغلام الحسن الوجه ، ولم يدع دخول هذه النفس في جنس الشمس ، وإنما اعتبر كون اللفظ أطلق على الغلام وهو لم يوضع لم يكن معنى للعجب ؛ إذ لا غرابة في تظليل إنسان حسن الوجه كالشمس إنسانا آخر بخلاف ما إذا جعل نفس الشمس ، فيستغرب كون الشمس ـ ومن شأنها طي الظل وإذهابه ـ أوجبت ظلا لأنها على تقدير حيلولتها بين الشمس وبين الإنسان المظلل لا يرتسم ظل تحتها على ذلك الإنسان ؛ لأن الفرض أن لا مظلل سواها ، وبه يعلم أن التعجب من كون الشمس توقع عليه ظلا لأنها موجبة لنفيه لا لثبوته ، لا من كون شمس تحول بين إنسان ، وشمس أخرى ، وإن كان يمكن التعجب أيضا من ذلك من جهة أفرادها في الوجود (و) لهذا أيضا (صح النهي عنه) أي عن التعجب (في قوله لا تعجبوا من بلى غلالته) (١) أي : لا تعجبوا من تسارع الفساد والبلى إلى غلالته وهي شعار تلبس تحت الثوب ضيقة الكمين كالقميص ، والشعار ما يلي الجسد ، وتلبس أيضا تحت درع الحديد (قد زر) أي : شد (أزرار) قميص (ه) أي غلالته (على القمر) يقال زررت القميص عليه أزره إذا شددت أزراره عليه ، وبه يعلم أن تعديته إلى الأزرار فيه ضرب من التسامح ؛ لأنه إنما يتعدى إلى القميص ، ويتضمن الدلالة على الأزرار فالقمر في البيت استعارة للشخص صاحب الغلالة بعد أن صيره نفس القمر فنهى عن التعجب من سرعة بلاها لما تقرر أن ثياب الكتان يتسارع إليها البلى عند بروزها للقمر ومباشرة ضوئه لها وذلك أنه لما خشي أن يتوهم أن صاحب الغلالة إنسان تسارع البلى لغلالته فيتعجب من ذلك ؛ لأن العادة أن غلالة الإنسان لا يتسارع إليها البلى قبل الأمد المعتاد لبلاها ، نهى عن ذلك وبين سبب النهى ، وهو أنه لم يبق في الإنسانية بل دخل في جنس القمرية ، والقمر لا يتعجب من بلى ما يباشره ضوؤه ، فلو لا أنه صيره نفس القمر ثم أطلق عليه اللفظ مراعاة لكونه قمرا حقيقة لم يكن معنى للنهى عن التعجب من بلى غلالته ؛ لأن من جملة ما يتعجب منه بلى غلالة الإنسان قبل أمد بلاها المعتاد ، وإنما
__________________
(١) البيت في شرح المرشدى (٢ / ٤٠) ، وهو لأبى الحسن ابن طباطبا العلوى ، الطراز (٢ / ٢٠٣) ، ونهاية الإيجاز ص (٢٥٣) ، والمصباح (١٢٩).