وذلك (كقولك فإن تعافوا) (١) أى : تكرهوا (العدل) أى : الذي جاء به شرعنا المطهر وهو ضد الجور (والإيمانا) بشرعنا وجواب الشرط رددتكم وألجأتكم إلى العدل والإيمان كرها. ودل على هذا الجواب قوله : (فإن في أيماننا) أى : في أيدينا اليمنى (نيرانا) أى : سيوفا كالنيران في اللمعان والإهلاك بها نلجئكم إلى الإذعان لجريان أحكامنا العدلية فيكم مع الجزية أو الإيمان بالله تعالى وبشرعنا ، فتعلق الفعل الذي هو تعافوا بالعدل يدل على أن المراد بالنيران السيوف ، وكذا تعلقه بالإيمان وكل منهما يكفي في الدلالة ولو حذف أحدهما لم يحتج للآخر ، وإنما دل كل واحد منهما لما أشرنا إليه من أن إباية العدل إنما يترتب عليه القتال للرجوع إليه.
والقتال للرد إلى العدل إنما يكون بالسيوف ؛ لا بالنيران الحقيقية ولم تحمل على الرماح ؛ لأن القتال غالبا إنما ينسب للسيوف فيقال : قاتلناهم بأسيافنا وغلبناهم بالسيوف ؛ لأنها أعم في القتال وألزم ، فكأنه يقول كما تقدم إن استنكفتم عن العدل ألجأناكم إليه كرها وقاتلناكم عليه بالسيوف ؛ وكذا إباية الإيمان فتعلق الفعل بكل منهما على حدة يشعر بالجواب الدال على أن المراد بالنيران السيوف وذلك الجواب هو قوله : تحاربون أو تقاتلون وتلجأون إلى الطاعة والإذعان للعدل أو إلى الطاعة لله تعالى بالإيمان أو نحو ذلك كما تقدم (أو معان ملتئمة) أى : مربوط بعضها ببعض بحيث يكون المجموع قرينة لا كل واحد منهما على حدة وبوصف المعاني بالالتئام في الدلالة مع تمثيل قوله أو أكثر بقوله تعافوا العدل والإيمان المقتضى لاستقلال كل منهما بالدلالة وتمثيل المعاني في الملتئمة بما كانت فيه الدلالة بالمجموع ، يعلم أن قوله : أو أكثر. لا يدخل فيه قوله أو معان ؛ لأن المراد بالأول كما تقدم ودل عليه ما ذكر أن يكون كل واحد بحيث يستقل بالدلالة والمراد بالمعاني أن يكون المجموع ، هو الدال فعلى هذا تصح المقابلة والعطف بأو المؤذنة بالتغاير ، لتباين المعطوفين (كقوله) (٢) أى : ومثال المعاني
__________________
(١) البيت فى الإيضاح ص (٢٦٠) بتحقيق د / عبد الحميد هنداوى ، وتعافوا : تكرهوا. نيرانا : أى سيوفنا تلمع كأنها نيران.
(٢) البيت للبحترى فى ديوانه (١ / ١٧٩) ، والطراز (١٣ / ٢٣١) ، ورواية الديوان : " وصاعقة من كفه ينكفى بها .. على أرؤس الأعداء خمس سحائب".