الملتئمة قوله : (وصاعقة) أى : ورب صاعقة ، وهى فى الأصل نار سماوية تهلك ما أصابته تحدث غالبا عند الرعد والبرق (من نصله) أى : تكون تلك الصاعقة من نصل سيف الممدوح والنصل حديدة السيف وحدوث الصاعقة منه إما على طريق التجريد كما يأتي في البديع بأن يجعل نصل السيف أصلا تحدث منه صواعق على حد قولك لقيني منه أسد ، أو على طريق الاستعارة بأن تستعير الصاعقة إلى ضرب السيف الذي يقع به الإهلاك وعلى كل حال فهو يفيد الترشيح باعتبار أصله ؛ لأنه يلائم السحائب المستعارة لأنامل الممدوح في قوله (تنكفى) أى : تنقلب (بها) أى : بتلك الصاعقة والباء في بها للتعدية (على أرؤس الأقران خمس سحائب).
ومعنى البيت أن الممدوح كثيرا ما تحدث نار من حد سيفه يقلبها على أرؤس الأقران ليهلكهم بها ، والمراد بقلب النار قلب السيف الذي هو أصل تلك النار ، وإنما يقلبها بأنامله التى هى كالسحائب في عموم العطايا وكثرة النفع ، فقد استعار السحائب لأنامل الممدوح ثم ذكر الصاعقة على وجه التجريد أو الاستعارة ترشيحا باعتبار أصلها كما تقدم وذكر أن تلك الصاعقة من نصل سيفه ، وذكر أن تلك الصاعقة يقلبها بقلب أصلها الذي هو السيف على أرؤس الأقران ليهلكهم بها ، وذكر لفظ الخمس عدد الأنامل فدل مجموع ذلك على أن المراد بالسحائب الأنامل ، وإنما لم يقل بدل الأنامل الأصابع للإشارة إلى أن قلب السيف على الأقران لقوة الممدوح يحصل بالأنامل ، والمراد العليا فقط بدليل ذكر ما يدل على أن عددها خمس فقط ، وجمع الأرؤس بصيغة القلة إما لاستعارة صيغة القلة للكثرة ، كما هو موجود في كلامهم وإما للإيماء إلى أن أقران الممدوح في الحرب غاية في القلة وإما للاستخفاف بأمرهم وتقليلهم في مقابلته.
ثم كون مجموع ما ذكر هو الدال فيه أنه لو أسقط بعضها كلفظ الخمس وأرؤس الأقران بأن يراد بالقلب تحريك السيف باليد فهم المراد اللهم إلا أن يراد الدلالة الواضحة البالغة ، ويمكن أن يراد بكونها معاني ملتئمة ، أنها ربطت لا على وجه العطف المؤذن بالاستقلال ، بل على وجه الربط المؤذن بعدم الاستقلال حتى لو حذف بعضها أفاد التركيب تقدير المحذوف.