بعد موته كافرا فذلك باعتبار إعطائه حكم الكافر وتسميته بما مضى وإلا فلا جحود بعد الموت.
(ولتسم) هذه الاستعارة التى يمكن اجتماع طرفيها في شىء واحد (وفاقية) لاتفاق طرفيها أى : لموافقة كل من طرفيها صاحبه في الاجتماع معه في موصوف واحد (وإما ممتنع) معطوف على قوله إما ممكن أى : اجتماع معنى طرفي الاستعارة إما ممكن ، وإما ممتنع لكونهما متنافيين (كاستعارة اسم المعدوم للموجود) أى : كامتناع اجتماع الطرفين في الاستعارة التى هى اسم المعدوم إذا نقل وأطلق على الموجود (لعدم غنائه) بفتح الغين أى : لعدم فائدته فإن الموجود العديم الفائدة هو والمعدوم سواء ، فينقل لذلك الموجود لفظ المعدوم لهذه المشابهة ، ولا شك أن معنى الطرفين أعنى : الموجود والمعدوم.
لا يجتمعان في شىء واحد بأن يكون موجودا معدوما ما في آن واحد ؛ لأن العدم والوجود على طرفي النقيض ، وكذلك عكس ما ذكر أعني : استعارة اسم المعدوم للموجود لعدم فائدته ، وذلك العكس هو أن يستعار اسم الموجود للمعدوم لوجود فائدته وانتشار مآثره فإن ذا المآثر الباقية والأنفاع المستديمة ولو كان مفقودا هو والموجود سواء في وجود الآثار عنهما وإبقائها إذ تحيى في الناس ذكره وتديم فيهم اسمه فتكون حياة ذكره كحياته ، فإذا نقل لفظ الموجود وأطلق على المعدوم المفقود لوجود مآثره حتى كأنه حاضر تحصل عنه الآن لكونه سببا فيها ، كانت استعارة لفظ الموجود لذلك المعدوم عنادية كالعكس ، وإليه أشار بقوله (ولتسم) هذه الاستعارة التى لا يجتمع طرفاها في شىء واحد لتنافيهما (عنادية) ؛ لأن طرفيها يتعاندان ، ولا يجتمعان في شيء واحد ، وإنما نص على العناد في الاستعارة دون التشبيه ؛ لأن العناد في الاستعارة المقتضية للاتحاد أغرب ، بخلاف المتشابهين (ومنها) أى : ومن العنادية وهى التى لا يجتمع مفهوم طرفيها الاستعارة (التهكمية) وهى التى يقصد بها الهزؤ والسخرية بالمستعار له (والتمليحية) وهى التى يقصد بها الظرافة والإتيان بشىء مليح يستظرفه الحاضرون ، وقد تقدم في التشبيه ما يفهم منه صحتهما في مثال واحد ، وإنما يختلفان في القصد ، ثم فسرهما باعتبار صورتهما الاستعمالية بقوله (وهما) أى : التهكمية والتمليحية (ما