عقلى ، فتعين كون الجامع فيها عقليا ، وأما القسم الأول وهو ما يكون طرفاه حسيين معا فيمكن أن يكون الجامع فيه عقليا كله ، أو حسيا كله ، أو يكون بعضه حسيا ويكون بعضه الآخر عقليا ، فتتصور فيه ثلاثة أقسام أخر. وقد تقدمت أمثلتها في التشبيه فإذا كان في القسم الأول باعتبار الجامع ثلاثة أقسام والأقسام بعده ثلاثة ، فالمجموع ستة أقسام وإلى وجه وجود تلك الأقسام كما بينا وإلى أمثلتها أشار بقوله (لأن الطرفين) أى : إنما قلنا إن هنا ستة أقسام ؛ لأن الطرفين (إن كانا حسيين فالجامع إما حسى) أى : إما أن يكون حسيا لما علم أن الحسى يقوم بالحسيين (نحو) قوله تعالى (فَأَخْرَجَ لَهُمْ) (١) أى لبنى إسرائيل (عجلا) جسدا له خوار (فإن المستعار منه) لفظ العجل (ولد البقرة) المعلومة (والمستعار له) وهو الذي أطلق عليه لفظ العجل في الآية هو (الحيوان الذي خلقه الله تعالى من حلى القبط) وهم قبيلة فرعون والحلى بضم الحاء جمع حلى بفتحها ، وسكون اللام وذلك أن السامرى ، وهو حداد منسوب لسامرة ، وهو اسم قبيلة كشف له عن أثر فرس جبريل عليهالسلام فسولت له نفسه أن تراب ذلك الأثر يكون روحا فيما ألقى فيه ، وقد كان بنو إسرائيل استعاروا حليا من القبط لعرس لديهم ، فقال لهم ائتوني بالحلى أجعل لكم الإله الذي تطلبون من موسى يعني حيث قالوا له (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ)(٢) ، فأتوه بذلك الحلى وصنع منه صورة العجل وألقى في فيه ذلك التراب فصار حيوانا بلحم ودم له خوار كالعجل ، فقال هو وأتباعه لبنى إسرائيل هذا إلهكم وإله موسى الذي تطلبون من موسى ، فنسيه هنا وذهب يطلبه وكان ذلك وقت ذهاب موسى ببنى إسرائيل للمناجاة وسبقهم موسى طلبا لرضوان الله تعالى فوقعت هذه الفتنة بأثره كما نص الله تعالى في كتابه العزيز قيل : إن سبب اختصاص السامرى بمعرفة ذلك أن أمه كانت ألقته عام ولد في كهف لينجو من ذبح فرعون إذ كانت ولادته في سنة تذبيح أبناء بنى إسرائيل ، فبعث الله عليه في ذلك الكهف جبريل ليعرفه أثر فرسه وذلك لما قضى الله تعالى عليه من الفتنة ، فالمستعار منه
__________________
(١) طه : ٨٨.
(٢) الأعراف : ١٣٨.