هنا هو ولد البقرة المعلومة ، والمستعار له هو الحيوان المخلوق من الحلى (والجامع) بينهما هو (الشكل) أى الصورة في الحيوان وولد البقرة إذ شكلهما أى : صورتهما المشاهدة واحدة (والجميع) أى : المستعار منه وإليه والجامع بينهما (إما حسى) أى : مدرك بالبصر كما لا يخفى (وإما عقلى) هو معطوف على قوله إما حسى أى : إذا كان الطرفان حسيين فالجامع إما حسى كما تقدم وإما عقلى ، وإنما صح أن يكون عقليا في الحسيين لما علم من جواز اتصاف المحسوس بالمعقول وذلك (نحو) قوله تعالى (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ)(١) (فإن) لفظ نسلخ مشتق من السلخ وهو مستعار من محسوس لمحسوس ؛ لأن (المستعار منه) لفظ السلخ هو معناه المعلوم وهو (كشط الجلد عن لحم الشاة والمستعار له) أى : والذي استعير له لفظ السلخ المأخوذ منه نسلخ هو (كشف الضوء) أى : إزالته (عن مكان) ظلمة (الليل) والمراد بمكان الظلمة الهواء ، أو المقدار الذي تكون فيه الظلمة من الزمان وإنما قدرنا الظلمة قبل الليل ؛ لأن الليل عبارة عن الزمان المخصوص وهو الذي يتوهم كونه مكانا للظلمة ولا يتوهم له من حيث إنه زمان مكان آخر إلا بتكلف ، ويحتمل أن يكون أطلق الليل على الظلمة نفسها (وهما) أى : المستعار منه وله وهما كشط الجلد وكشف الضوء (حسيان) باعتبار متعلقهما وذلك كاف في حسيتهما وإلا فهما مصدران ، كل منهما عبارة عن تعلق القدرة بالمقدور ، وهو أمر عقلى ثم حسية الضوء والظلمة بناء على أن الأول أجرام لطيفة تتصل بجرم الهواء ، أو بجميع الأجرام الحسية بحيث توجب إبصارها عادة والثاني أجرام كذلك توجب عدم الإبصار لما اتصلت به وعليه يكون المراد بالمكان الهواء كما تقدم أو الأجرام الموجودة في زمن الليل والنهار على وجه التوسع. وأما إن قلنا إن الضوء كون الأجرام بحيث ترى لاتصال الأجرام اللطيفة الإشراقية بها والظلمة رفع ذلك فالظلمة عقلية وإنما حسيتهما باعتبار أن مقابلها المحسوس تدرك عند انتفاء إبصاره فكأنها لما نشأ إدراكها عند انتفاء الإحساس محسوسة ، وما قيل في الظلمة يقال في الظل على أن كون الضوء مبصرا بنفسه لا يخلو من توسع ضرورة. وإنك لا تستطيع أن
__________________
(١) يس : ٣٧.