والمشتقات والحروف إلا تابعة لما له ثبات واستقلال وهذا الدليل على لزوم التبعية فيما ذكر لا يتم لأوجه ثلاثة :
الوجه الأول : أنه إن أريد أن الذي يستقل بالموصوفية اللازمة للتشبيه هو الذوات دون المعاني ـ لما تقرر أن المعنى لا يقوم بالمعنى ـ لم يصح ، كما اعترف به المستدل في قوله : بياض صاف فإنه معنى وقد وصف وإن أريد أن ما يستقل بالموصوفية هو مجرد ما يصح أن يقوم به وجه الشبه لم يتوقف على كونه ثابتا غير سيال بدليل أنا نشبه مدلول الفعل المضارع بمدلول الماضي في تحقق الثبوت فنطلق اسم الماضي عليه مع أن الزمان موجود فيهما معا وهو سيال ، وكيف يستقيم أن الموصوفية لا تصح فيما لا تقرر له كالزمان والحركة؟ مع صحة أن يقال الزمان ماض والحركة سريعة.
والوجه الثاني : أن مقارنة الحدث بالزمان لا تقتضي تجدد ذلك الحدث بتجدده كقولك : أبيض الجير فعلى تقدير كون عدم الاستقرار والسيالية موجبا لنفي الموصوفية الموجبة لصحة الاستعارة ؛ فيلزم أن لا تصح بنفي تلك الموصوفية لا يلزم عدم صحتها باعتبار الحدث لصحة دوامه مع تجدد أجزاء الزمان المقارن له.
والوجه الثالث : أن هذا الدليل على تقدير تمامه لا يشمل اسم الآلة واسم الزمان والمكان ؛ إذ لا يصح نفي الموصوفية عنها مع الاتفاق على أن الاستعارة فيها تبعية فالدليل لا يشملها لصحة الموصوفية فيها والدعوى أيضا لا تشملها لقولهم : إن المراد بالمشتقات هو الصفات دون أسماء الأماكن والأزمان والآلة فلا يمكن إدخالها في الدليل بتمحل ما بعد هذا التصريح بخروجها عن الدعوى ، فليس لأحد التزام عدم صحة الموصوفية فيها بأي تمحل كان لأمرين : أحدهما : صحة كونها موصوفة في نفس الأمر ، والدليل إنما يعم ما لا يصح فيه الموصوفية ، والآخر : إقرار المستدل بأن المستدل عليه هو المشتق المفسر بالوصف دون الآلة والزمان والمكان ، فإذا كانت الاستعارة في اسم الآلة والزمان والمكان لا يصح أن تكون أصلية للقطع بأنك إذا قلت هذا مقتل فلان للموضع الذي ضرب فيه ضربا شديدا ، أو لزمانه وهذا مرقده لقبره ومضى مرقده لوقت موته ، وهذا مقتاله لآلة ضربه ضربا شديدا ؛ فالتشبيه في ذلك إنما هو في المصدر أولا أعني الموت