والنوم والضرب الشديد والقتل ، ثم تبع ذلك اسم الآلة والزمان والمكان وجب العدول عن الدليل الذي لا يشملها إلى ما يقتضي التبعية في جميع ما يؤخذ من المصدر فعلا كان أو وصفا أو آله أو ظرفا ، ولو بأن يوجه بعضها بغير ما وجه به الآخر. فنقول : إن التحقيق في كون الاستعارة في الفعل تبعية كونه لا تصح فيه الموصوفية اللازمة للتشبيه الذي هو مبني الاستعارة ، ونفي اللازم يقتضي نفي الملزوم وتحقيق ذلك ـ على ما أشرنا إليه في مبحث وضع الحرف ـ أن الفعل وإن دل على الحدث الذي يصح أن يحكم به ويوصف به لا يصح أن يحكم عليه ؛ لأن وصفه اعتبر فيه نسبته إلى الفاعل لا لذاتها بل يتوصل بها إلى حال الفاعل المخصوص فلم يمكن الحكم عليه ، كما أن الحرف لما وضعه الواضع ليفيد معنى نسبيا نحو الابتداء في من مثلا ليتوصل به إلى حال متعلقه المخصوص كالكوفة والبصرة في ابتداء السير من أحدهما لا يصح الحكم على مدلوله لقصده لغيره ، وإنما يحكم على الابتداء عند قطعه عما اعتبر في الحرف لأنه لازم للمقصود بالحرف لزوم الأعم للأخص ؛ ولذلك يقال المراد بمعاني الحروف التي تجري الاستعارة فيها ما إذا أفادت الحروف معاني ردت لها بنوع استلزام ، ولو صح الحكم على معاني الحروف عادت أسماء ، وقد تقدم تحرير ذلك في وضع الحرف وأن ذلك بمنزلة المرآة للصورة المقصودة بها ، فإنك ما دمت قاصدا للصورة في المرآة لا تستطيع أن تحكم على تلك المرآة ولو أدركتها حينئذ لشغل النفس بغيره ، وكذا الحرف والفعل لما كان الغرض من معناهما التوصل إلى معنى خاص ؛ لم يحكم على معناهما ولا به ما دام كذلك ؛ لعدم استقلاله بالمفهومية ؛ لأن النظر فيه لغيره ، وهذا يقتضي أن نسبة الفعل إلى الفاعل لما كان القصد بها في أصل الوضع استيضاح حال الفاعل لم يصح الحكم عليها وما لا يصح كذلك لا تجري فيه الاستعارة المقتضية لصحة الحكم بوجه الشبه وهو كذلك ، وكان القياس أن لا يصح الحكم بها أيضا ولكن صح الحكم بها باعتبار الحدث المقصود الدلالة عليه على وجه الاستقلال. وأما قولهم : زيد قام أبوه فهو في تأويل قائم الأب فلم يخبر في الحقيقة بالنسبة الفعلية بل بالموصوفية فلا يتوهم أنه مما أخبر فيه بالنسبة فقط إذ الحدث ليس لزيد فقد تبين بهذا أن الحاجة إلى شيء آخر تجري فيه الاستعارة أولا في