الحرف والفعل ؛ إنما هي لعدم استقلالهما بالمفهومية حيث قصد الواضع معناهما لغيره وقد تقدم هنالك تحقيقه ؛ وذلك لأن عدم الاستقلال يستلزم عدم صحة الحكم والاستعارة تستلزم الصحة فتنافيا.
وأما الوصف فالمقصود بالذات فيه إفادة ذات موصوفة في الجملة وإفادة حدث خاص ، فإذا قلت : قائم فمعناه ذات ما وحدث اتصفت به وهو القيام فمن دلالته على الذات المطلقة بالقصد صح الحكم عليه وعلى الحدث المنسوب صح الحكم به ، وإما نسبته إلى الفاعل فهو عرضي لتتقيد به تلك الذات فلم تمنع من الحكم عليه كما في الفعل ، فالوجه في كون الاستعارة فيه تبعية مع صحة الحكم عليه وبه باعتبار الأمرين المقصودين بالذات في وضعه هو أن الذات فيه في غاية الإبهام ، وإنما المخصوص الحدث فاعتبر التشبيه فيه ؛ لأن التشبيه في المخصوصات أمكن وأسد وذلك لأن الأمور المبهمة العامة لا يطلب التشبيه فيها للجهل بأوصافها كالموصوف وأما أسماء الأماكن والأزمان والآلة فهي ولو دلت على خصوص هو المكان والزمان والآلة لكن المصدر فيها أخص فهو الأولى أن يقصد في التشبيه لأجل خصوصه ؛ لأن المكان والزمان والآلة لا يخلو كل منها من العموم المنافي لطلب الوجه بينه وبين غيره للجهل بوصفه حتى لو أريد المكان أو الزمان أو الآلة من حيث هي لأتى بأسمائها الخاصة وبالجملة ، فأهمية المصدر لو انتفت فإن كانت الذات أهم أتى بلفظها الخاص وإن كانت مساوية في الأهمية فهما تشبيهان فيجب الإتيان بلفظ كل منهما فثبت كون المصدر أهم فانصرف له الاعتبار لما ذكر وأيضا إذا اشتمل الشيء على قيد فالغرض ذلك القيد كما قال عبد القاهر ووصى بالمحافظة عليه. والقيد هنا هو المصدر ففيه ينبغي أن يجري التشبيه ومقتضى ما تقرر أن التبعية تجري في المرسل إذا كان فعلا أو حرفا أو مشتقا ؛ لأنه يستلزم صحة الحكم بالملزومية فما لا يستقل بالحكم لا يتجوز فيه إلا تبعا والمشتق إنما الغرض منه المصدر كما تقدم فيكون المرسل فيه تبعيا قيل : إن هذا لم ينقل عنهم ثم إن هذا في التصريحية وأما المكنى عنها كقولك : دللت بلسان فصيح عند قيام القرينة على أن المراد الحال وأن المراد بالدلالة النطق على وجه الكناية فلم يذكروها أيضا. وإذا لم تصح الأصلية فيما