المطلقة
(مطلقة) أي : التي تسمى مطلقة لإطلاقها عن وجود قيد الملائم (وهي) أي : المطلقة (ما) أي : الاستعارة التي (لم تقترن بصفة) تلائم أحد الطرفين (ولا تفريع) يلائم أحدهما ولا عبرة بوجود صفة أو تفريع في الكلام لا يلائم أحدهما والمراد بالتفريع ذكر حكم يلائم أحد الطرفين سواء كان بصيغة التفريع والترتب بالفاء أو لا ، مثال ما لم يقترن بأحدهما قولك عندي أسد عند قيام القرينة الحالية على أن المراد بالأسد الذي عندك الرجل الشجاع (والمراد) بالصفة هنا التي قلنا إنها قد لا تقترن الاستعارة بها ولا بتفريع فتكون مطلقة الصفة (المعنوية) أعنى ما دل على معنى من شأنه أن يقوم بالغير (لا) الصفة التي هي (النعت) النحوي فقط الذي هو أحد التوابع وقد تقدم مثل هذا الكلام في باب القصر وتقدم بسطه وبيانه (و) الثاني من أقسام هذه الاستعارة المنظور إليها باعتبار وجود الملائم وعدمه (مجردة) أي : التي تسمى مجردة لتجردها عما يقويها من إطلاق أو ترشيح (وهي) أي المجردة (ما) أي : الاستعارة التي (قرن) لفظها (بما يلائم المستعار له) وهو المشبه سواء كان الملائم تفريعا كقولك رأيت أسدا يرمي فلجأت إلى ظل رمحه أو كان صفة حسية كقولك رأيت أسدا راميا مهلكا أقرانه أو صفة معنوية (كقوله :
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا) |
غلقت لضحكته رقاب المال (١). |
فالرداء وهو الثوب مستعار للعطاء ووجه الشبه صون كل منهما صاحبه عما يكره فالثوب يصون ما يلقي عليه من كل ما يكره حسا والعطاء يصون عرض صاحبه ومطلق الصون عما يكره مشترك بينهما ، وقد أضاف إليه الغمر الملائم للعطاء الذي هو المستعار له إذ الغمر هو المحيط بالشيء المتراكم عليه ، وكونه يلائم العطاء يقتضي كون استعماله في العطاء أرجح ، ولو كان قد يستعمل في الثوب أيضا ، إذ لو كان مشتركا بينهما على السوية لم يكن قسيما لما يلائم المستعار منه ، والأرجحية بكثرة الاستعمال فيه دون الثوب ، وهي تصح مع كونه في الأصل مجازا فيه كالإذاقة في الشدائد ، ولما كان ملائما للعطاء صار تجريدا للاستعارة عما يقويها من ترشيح وإطلاق ، أما التقوية
__________________
(١) البيت فى شرح المرشدى على عقود الجمان (٢ / ٤٨) ، والإيضاح ص (٢٥٦) وهو لكثير.