مثل ما ذكر إنما فيه بناء ما للمشبه به على المشبه في قوله : حتى إنه يبنى على علو القدر ما يبنى على علو المكان وهذا الكلام يقتضي أن الواقع بناء ما للفرع وهو المشبه به على نفس ذلك الفرع ؛ لأنا نقول ما تقدم باعتبار ما في نفس الأمر ؛ لأن المراد في الحقيقة هو المشبه وما هنا على الادعاء ؛ لأن المشبه به هو المراد ادعاء فتأمل وهذا الذي تقرر قد ظهر أنه مبني على أن المراد بالضمير هو المحبوبة ، وأما لو أريد به القصة والجملة بعده خبر لم يكن هذا البيت شاهدا على المدعي ، وإنما لم يحمل على إرادة القصة فينتفى الاستشهاد بالبيت بل حمل على إرادة المحبوبة لوجهين.
أحدهما أن قوله : فعز الفؤاد يعين إرادة المحبوبة ؛ لأنها هي المأمور بالعزاء عنها والآخر ما ذكروا من أن ضمير القصة تكون الجملة بعدها مما يشك فيه ليفيد الإخبار تأكيد الإثبات ، والجملة هنا متعينة المعنى لا يجري فيها شك لأحد وهو أن مسكن الشمس السماء ، ثم هذا حيث حذفت أداة التشبيه كما في المثال ؛ لأن الاتحاد الذي ذكرنا أنه منشأ تناسي أصل التشبيه ظاهر فيه ، وأما عند ذكر الأداة ففيه بعد ؛ لأن الأداة تشعر بضعف المشبه عن مرتبة المشبه به ولكن يمكن الاعتبار المذكور فيه أيضا وهو ادعاء الاتحاد ؛ إذ لا مانع من تشبيه أحد المتحدين في الحقيقة بالآخر بآلة التشبيه وقد وقع في كلام العجم النهي عن التعجب بناء على الاتحاد مع التصريح بالأداة وحاصل معناه النهي عن التعجب من قصر ذوائب أي شعر شخص شعره كالليل ووجهه كالربيع والليل في الربيع مائل إلى القصر ومعلوم أن المائل إلى القصر في الربيع هو الليل الحقيقي ، والذي لا يتعجب من قصر ليله هو الربيع الحقيقي وقد غاص هذا الأعجمي على معنى لطيف قل من يتنبه له لغرابته فهو من الحسن والملاحة بمكان كما لا يخفى.
ثم لما كانت المسائل المتقدمة في المجاز وأمثلها جارية على الأفراد أشار إلى مجاز التركيب فقال هذا المجاز المفرد.