أو يقال يخرج نحو العنقود بالمثال فكأنه يقال ما وقع فيه تشبيه التمثيل بشرط أن يكون كهذا المثال بأن لا يكون مفردا وفيه تمحل.
وقوله : (للمبالغة) متعلق بقوله : المستعمل أي هو اللفظ المستعمل فيما ذكر لأجل المبالغة في التشبيه بأن يدعى دخول المشبه في جنس المشبه به كما تقدم وهو يؤكد إخراج ما أخرجناه بقوله : شبه بمعناه وهو المجاز المرسل ثم أشار إلى المثال الذي قلنا إنه أخرج به ما فيه تشبيه التمثيل مع إفراد اللفظ بقوله : كما يقال للمتردد (في أمر) فيتوجه إليه ويقدم عليه بالعزم تارة ويحجم بالعزم على غيره أخرى (إني أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى) وأصل هذا الكلام أن بعض ملوك بني مروان بلغه أن بعض من رآه ليس أهلا للبيعة توقف في بيعته وامتنع منها فكتب إليه أما بعد فإني أراك في بيعتنا تقدم رجلا وتؤخر أخرى فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيهما شئت.
فقول القائل أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى مجاز مركب لابتنائه على تشبيه التمثيل ؛ لأنه شبه الصورة التي هي كون الإنسان مترددا في أمر فيقدم بالعزم عليه تارة ويحجم عنه بالاستخارة مرة أخرى بالصورة التي هي كون الإنسان القائم للذهاب حسا فيقدم رجلا تارة ؛ لإرادة الذهاب ويؤخر أخرى لعدم إرادته ولا شك أن الصورة الأولى عقلية والثانية حسية والجامع بينهما ما يعقل من الصورة التركيبية التي هي كون كل منهما له مطلق الإقدام بالانبعاث لأمر في الجملة تارة والإحجام الحاصل بترك الانبعاث أخرى وهو أمر عقلي قائم في الصورتين مركب كما ترى باعتبار تعلقه بمتعدد ؛ لأنه هيئة اعتبر فيها إقدام متقدم وإحجام مستعقب.
ولما اعتبر التشبيه بين الصورتين في الوجه المذكور نقل اللفظ الذي أصله أن يستعمل في الصورة الحسية واستعمله في الصورة العقلية للمبالغة في التشبيه بأن ادعي المستعمل دخول العقلية في جنس الحسية ، وذلك اللفظ هو قوله : أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى وهو الدال على الحسية بالمطابقة وقد تقدم ما يؤخذ منه أن تخصيص الحسية التي وضع لها بالأصالة بالمطابقة إنما هو بالنظر إلى أن وضعها لا يتوصل إليه بواسطة اللزوم بخلاف العقلية التي كان اللفظ فيها مجازا فلم تسم الدلالة فيها مطابقة