نظرا إلى أن أصلها اللزوم الذي به الانتقال من المعنى الأصلي إلى الثاني ، وإن كان مجموع المعنى المدلول عليه بالوضع الثاني مطابقيا عند المحققين أيضا.
وقوله : تقدم رجلا يعني تارة وقوله : وتؤخر مفعول تؤخر محذوف أي تؤخرها يعني تلك الرجل المقدمة وقوله : أخرى نعت لمرة والتقدير أراك تقدم رجلا مرة وتؤخر مرة أخرى إنما لم نجعل أخرى نعتا للرجل ؛ لئلا يفيد الكلام أن الرجل المؤخرة غير المقدمة ، وليس ذلك صورة التردد لأن الواقع أنه إذا أراد الذهاب رمى رجله أماما وإذا أحجم عنه رد تلك الرجل إلى موضعها ، وسمى ردها إلى موضعها تأخيرا باعتبار منتهاها أولا فافهم.
فإن قلت قوله : أراك هل له دخل في التجوز والنقل أم هو حقيقة والتجوز فيما بعده؟ قلت : الظاهر أن لا دخل له ؛ لأنا لو قلنا فلان يقدم رجلا ويؤخر أخرى حصل التمثيل أيضا ويحتمل أن له دخلا في خصوص المثال ؛ لأن أصله الرؤية الحسية ولم توجد في المنقول إليه تأمل.
(ويسمى) المجاز المركب المذكور (التمثيل على سبيل الاستعارة) أما تسميته تمثيلا ؛ فلأن وجهه منتزع من متعدد كما تقدم في أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى ، وأما التقييد بكونه على سبيل الاستعارة فللاحتراز من الالتباس بتشبيه التمثيل إذ من الجائز التساهل بإسقاط لفظ التشبيه ويبقى لفظ التمثيل. وقد يقال زيادة قيد قولنا : على سبيل الاستعارة ليطابق الاسم المسمى ؛ لأن الواقع في هذا المجاز كما قدمنا أن تشبه حالة بأخرى على وجه المبالغة بإدخال جنس الأولى في الثانية ثم يستعمل لفظ الثانية في الأولى وذلك شأن الاستعارة ، فزيد لتبيين مطابقة الاسم للمسمى ، ولكن هذا التوجيه في التسمية إنما يتبين إن ظهر وجه تسمية التشبيه الذي انتزع وجهه من متعدد بتشبيه التمثيل ، ووجهه أن التمثيل في أصله هو التشبيه يقال مثله تمثيلا جعل له مثيلا أي : شبيها ، ثم خص بالتشبيه المنتزع وجهه من متعدد ؛ لأنه أجدر أن يكون صاحبه مثيلا وشبيها لكثرة ما اعتبر فيه إذ كثرة ما اعتبر في الشبه مما يقرب للمماثلة ويصعب تحقيق ما اعتبر لكثرته وتزداد بذلك غرابته فهو أحق بالمماثلة ؛ لأن المماثلة الحقيقية لا تكون