إلا بعد وجود أشياء ووجود أشياء أصعب من وجود الجملة ، وخص المجاز المذكور باسم المثل والتمثيل لتلك الأجدرية ولغرابته بنقل اسم المثل المشعر مصدوقه بالغرابة والإعجاب إلى الصفة الرفيعة كما قال تعالى ولله المثل الأعلى أي : الصفة الرفيعة العجيبة وإلى القصة العجيبة كقوله تعالى : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ)(١) أي : قصتها العجيبة مما يتلى عليكم وهو قوله تعالى : (" فِيها أَنْهارٌ") الآية وإلى الحالة العجيبة كقوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) إلى آخر الآية أي حالتهم الغريبة ، ثم أشار إلى أن هذه التسمية قد تختص بقوله : (وقد يسمى) المجاز المركب المذكور (التمثيل) أي يسمى بهذا اللفظ حال كونه (مطلقا) من التقييد بقولنا على سبيل الاستعارة أما التسمية الأولى فلا التباس فيها كما تقدم ، وأما هذه فقد يقال تلتبس بالتشبيه المسمى بالتمثيل ، وأجيب بأن الاصطلاح على أنه إذا أطلق انصرف للاستعارة وإذا أريد التشبيه قيل تشبيه التمثيل ، وبه يعلم أن ما تقدم في التشبيه في قوله : خص باسم التمثيل ينبغي أن يكون على تقدير مضاف أي : خص باسم تشبيه التمثيل ولكن يقال فحينئذ لا يقال إن زيادة قيد قولنا على سبيل الاستعارة للاحتراز لأنه لا يذكر التمثيل في التشبيه إلا مقيدا ويجاب بما أشرنا إليه من أن الاحتراز عن أمر مجوز لا واقع ، والخطب في مثل هذا سهل وإنما تنازلنا للبسط هنا حيث ظهر منهم الاهتمام بهذه التسمية.
وقوله : في تعريف مجاز التركيب هو اللفظ المستعمل فيما شبه بمعناه الأصلي يقتضي أن المجاز المركب لا يوجد في غير ما شبه بمعناه ؛ لامتناع صدق المعرف على غير التعريف وفيه بحث ؛ لأن ما تحقق في المفرد باعتبار الوضع الشخصي يتحقق في المركب باعتبار الوضع النوعي فإن مجازية المفرد إنما تتحقق بنقله عما وضع له بالشخص ، فالأسد مثلا وضع للحيوان المعلوم فنقله إلى ما يشبهه يصيره استعارة ، والعين مثلا وضع بالشخص للعين الباصرة فنقلها إلى الربيئة لكون وصفه بها قوامه وكونه كلا والعين جزء يصيره مرسلا ، فإذا تحقق هذا بالوضع الشخصي في المفرد فليتحقق مثله في الوضع
__________________
(١) محمد : ١٥.