النوعي في المركب فقولنا : إني أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى نقله لما يشبه الحالة التي وضع لها نوعه ، وأعني بنوعه هيئة إن واسمها مع كون خبرها فعلا متعديا لمثل ما ذكر يصيره استعارة وقوله :
هواى مع الركب اليمانين مصعد (١)
نقله عما وضع له نوعه وهو هيئة المبتدأ المخبر عنه باسم يتعلق به الظرف المضاف لمثل ما ذكر إلى التحزن والتحسر اللازم المضمون القول المذكور وهو كون المحبوب مصعدا مع الركب أي مبعدا فإنه يستلزم تحزن المحب وتحسره يصيره مجازا مرسلا مركبا فتخصيص المجاز المركب بما استعمل فيما شبه بمعناه مع ورود ما يصح أن يكون من المرسل في المركب ومع صحة جريان قاعدتي المجازين فيه باعتبار الوضع النوعي كجريانهما في المفرد بالوضع الإفرادي لا يظهر له وجه فيقال ما المانع من أن يقال حيث صح فيه الوضع النوعي الذي يتضمنه الاستعمال الشخصي إن نقل لغير ما وضع له لعلاقة المشابهة فاستعارة تمثيلية ، وإن نقل لغيره لعلاقة أخرى كاللزوم كان مجازا مرسلا تركيبيا وهذا مما أهملوا تسميته والتعرض له مع أن الوجه الذي صح به التمثيل يصح به غيره من المجاز ، فلم يظهر وجه للإهمال نعم لو كان التجوز المذكور لا باعتبار النقل عن المعنى الموضوع هو له نوعا بل باعتبار التركيب العقلي كما في الإسناد العقلي أمكن أن يقال لا يتصور فيه النقل الذي في المرسل بخلاف المفرد لوضعه لكن هذا التجوز باعتبار النقل المستلزم للوضع ، فكما صح بواسطة التشبيه يصح بواسطة غيره كما في المفرد ، فالتخصيص تحكم.
لا يقال المركب المنقول لأجل اللزوم يدخل في باب الكناية ؛ لأنا نقول لا مانع من نصب القرينة المانعة فيما يصح أن يكون كناية فيكون مجازا ، وقد ذكروا أن الكناية قد يتفرع عنها المجاز كما في قوله تعالى (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ)(٢) فإنه عند
__________________
(١) البيت في الإيضاح ص (٥١) بتحقيق د / عبد الحميد هنداوى ، وهو لجعفر بن علبة الحارثي من مخضرمى الدولتين الأموية والعباسية ، وهو في معاهد التنصيص (١ / ١٢٠).
(٢) آل عمران : ٧٧.