الاستعارة فيما صح التشبيه إلا الغموض وكونها في ذلك التشبيه كالألغاز ، والأصل عدم ذلك في كل فرد من أفراد التشبيه ، وإذا صحت الاستعارة المذكورة فيما صح فيه التشبيه المذكور بناء على الأصل والتشبيه يجوز أن يكون طرفاه مفردين كما تقدم في تشبيه الثريا بالعنقود وكما في قوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً)(١) لأن المثل لفظ مفرد وقد شبه بالمثل وهو مفرد فيصح في نحو ذلك مما كان طرفاه مفردين والتشبيه فيه تمثيل أن ينقل لفظ المشبه به إلى المشبه فيكون استعارة تمثيلية يكون تشبيهها تمثيلا ، وقد تقدم أن الاستعارة التمثيلية هي ما يكون تشبيهها تمثيلا فعلى هذا يصح عد الاستعارة تمثيلا مع إفرادها إذ لا تستلزم التركيب حينئذ ، ورد بأن غايته أن الاستعارة لا تستلزم أبدا التمثيل المركب لصحة أن تكون تمثيلا مفردا كما لا يصح اتفاقا أن تكون تمثيلا مركبا ، وظاهر التقسيم أن كل تمثيل من أقسام المجاز المفرد ، ولا يصح ذلك في المركب فيختل التقسيم على ظاهره ، وذلك كاف في البحث وحمله على تمثيل المفرد حمل على نادر يحتاج إلى قرينة إذ الأكثر في التمثيل التركيب نعم يصح هذا الجواب دفعا لكلام المصنف ؛ لأنه عند المؤاخذة فظاهره يقتضي أن التمثيل لا ينفك عن التركيب لقوله مستلزم للتركيب والجواب يقتضي انفكاكه عنه ، وإنما قلنا : لأنه عند المؤاخذة فظاهره إشارة إلى أنه يمكن حمله على غير الظاهر بأن يحمل على معنى أنه قد يستلزم التركيب المنافي للإفراد ، فإذا حمل على ذلك لم يندفع بما ذكر بل يبقى البحث كما هو ، وهذا كله إذا سلم أن مجاز التمثيل تابع لتشبيه التمثيل دائما ، وسلم أن ذلك التشبيه يجري في المفردين ، وأما إن ادعى أن مجاز التمثيل أخص من التشبيه المذكور أو أنهما لا يجريان معا في المفردين فلا يصح هذا الجواب أصلا وكونهما لا يجريان في المفردين هو الذي نسب إلى المحققين ، وعليه فما تقدم مما قرر به تشبيه التمثيل وأنه يجري في الثريا مع العنقود ضعيف. قيل : ولم ينقل عن أحد من المحققين أنه تشبيه تمثيل
__________________
(١) البقرة : ١٨.