فالمفهوم من اختصاصه جعل كناية عن ذات المقصود ، ومثل هذا يتصور في كل صفة جعلت كناية عن ذات المقصود فليفهم.
(ومنها) أي : ومن الأولى وهي التي يطلب بها غير الصفة والنسبة (ما) أي : قسم (هي مجموع معان) وأنث الضمير لما تقدم ، والمراد بجمعية المعاني ما يقابل الوحدة السابقة ، وذلك بأن توجد أجناس أو جنسان من الصفات يكون ذلك المجموع هو المختص بالمكنى عنه الموصوف ، فيتوصل بمجموعها إليه بحيث تكون كل صفة لو ذكرت على حدة لم ينتقل منها إلى الموصوف المكنى عنه لعمومها ، وكيفية ذلك أن يضم لازم إلى لازم آخر ، أو إلى لازمين فأكثر ، فيذكر المجموع فينتقل من مفهومهما الغير المقصود بالذات إلى ذات الموصوف (كقولنا : كناية عن ذات الإنسان) بدا لنا مثلا (حي مستوى القامة عريض الأظفار) فإنه لو كنى عن الإنسان باستواء القامة وحده شاركه فيه بعض الشجر إذ المراد باستواء القامة نفي الاعوجاج ، ولو كنى عنه به وبالحي لساواه التمساح كما قيل : ولو كنى بعرض الأظفار وحده أو بعرض الأظفار مع الحي ساواه الجمل مثلا ، بخلاف مجموع الأوصاف الثلاثة يختص بها الإنسان ، فكانت كناية : نعم ، عرض الأظفار مع استواء القامة يغني عن حي بل قيل الحي مع استواء القامة يغني عن عرض الأظفار ؛ إذ لا يوجد حي كذلك خلاف ما قيل في التمساح وكذا الأفعوان ؛ لأن المراد بالقامة ما يكون إلى أعلى لا ما يمتد على الأرض وشبهه والخطب في هذا سهل.
وتسمى هذه الكناية خاصة مركبة ، وتقدم ما يندفع به ما يتوهم من أن الأوصاف صادقة على المكنى عنه فتكون حقيقة لا كناية (وشروطهما) أي : وشرط هاتين الكنايتين وهما قسما الأولى وأفرادها محصورة فيهما ، وإن كان التعبير بمن لا يفي الحصر ، واتكل في ذلك على ما علم من أن الإفراد والجمعية لا واسطة بينهما على ما تقدم.
(الاختصاص بالمكنى عنه) أي شرط كون القسمين كناية اختصاص المعنى الواحد المكنى به بالمكنى عنه ، كما تقدم في مجامع الأضغان ، واختصاص المجموع من