فإنه) أي : وإنما كان هذا مثالا للكناية المطلوب بها النسبة ؛ لأن الشاعر (أراد أن يثبت اختصاص ابن الحشرج بهذه الصفات) الثلاث التي هي السماحة وهي بذل ما لا يجب بذله عن طيب النفس ولو لم يكثر على ظاهر تفسيرهم ، والندى وهو بذل الأموال الكثيرة لاكتساب الأمور الجليلة العامة كالثناء من كل أحد ، ويجمعهما الكرم والمروءة وهي في العرف سعة الإحسان بالأموال وغيرها كالعفو عن الجناية ، وتفسر بكمال الرجولية ، وذلك يقتضي اختصاصها بالرجل دون المرأة إلا أن تفسر الرجولية بالإنسانية لعمومها الذكر والأنثى ؛ لأنه قد يقال للمرأة رجلة وكمالها بالإحسان المذكور ، وتفسر بالرغبة في التحافظ على دفع ما يعاب به الإنسان ، وعلى ما يرفع على الأقران وهو قريب من الأول ، والدليل على أنه أراد اختصاص ابن الحشرج بهذه الصفات فحوى الخطاب ، ومفهوم الكلام على ما يتقرر ، وأراد المصنف بالاختصاص ـ كما تقدم ـ مجرد الثبوت ، والدليل على ذلك ما علم من أن الكناية في النسبة لا يشترط فيها كونها في النسبة الحصرية ، بل تجري في المطلقة كما أفاده هذا المثال ؛ إذ ليس فيه أداة حصر وكما يدل عليه ما يأتي مما مثل به في المفتاح (ف) حين أراد إثبات الاختصاص الذي هو ثبوت الصفات لمن ذكر (ترك التصريح) باللفظ الدال على هذا الاختصاص ، ويحصل ذلك التصريح لو أتى به (بأن يقول) إن ابن الحشرج (مختص) بهذه الصفات (أو) يقول (نحوه) أي : نحو مختص مما يفيد مجرد الثبوت ، كما تقدم أن المراد بالاختصاص هنا الثبوت لا الحصر ، فقوله : نحوه على هذا منصوب عطفا على معمول يقول كما قررنا ، ويحتمل أن يكون مجرورا عطفا على مدخول الباء أي : يحصل ذلك بقوله مختص وبنحو ذلك القول ونحو لفظ الاختصاص في هذا المعنى ، كل ما يفيد ثبوت النسبة للموصوف ، إما بإضافتها إليه مع الإخبار بحصولها كأن يقول : سماحة ابن الحشرج حاصلة ؛ لأن إضافتها تفيد كونها له أو بإسنادها إليه في ضمن الفعل كأن يقول سمح ابن الحشرج ، أو بنسبتها إليه نسبة تشبه الإضافة مع الإخبار بالحصول كأن يقول : حصلت السماحة لابن الحشرج ، أو بإسنادها إليه على أنها خبر في ضمن الوصف كأن يقال ابن الحشرج سمح ، أو نحو ذلك ، ونحو هذا يجري في الندى والمروءة ، وبهذه الأمثلة