على أزيد مما تدل عليه الحقيقة ، فالفضيلة فيهما في تأكيد الإثبات الحاصل بكونهما كدعوى الشيء ببينة فليس السبب في الفضيلة فيهما دلالتهما على أكثر مما دلت عليه الحقيقة ، بل السبب أن المدلول فيهما فيه تأكيد إثبات ولم يتأكد إثباته في الحقيقة فصار أبلغ منها ، وإن كان المعنى لا ينقص ولا يزيد على ما كان عليه فيهما ، وكذا الاستعارة بالنسبة لما مثل به وهو قوله رأيت رجلا شجاعا هو والأسد سواء في الشجاعة ، فإن دلالة الاستعارة على المساواة كدلالة هذه الحقيقة ، وأما الاستعارة باعتبار التشبيه كقولك : زيد كالأسد فإن السبب في الأبلغية يكون غير ما ذكر لدلالة الاستعارة على الاتحاد في الحقيقة المستلزمة للاتحاد في الشجاعة والمساواة فيها ، والتشبيه يشعر بأن الشجاعة في الرجل أضعف منها في الأسد لما تقرر أن المشبه أضعف من المشبه به في وجه الشبه ، بل نقول : إنها أقوى دلالة على المساواة من قوله هو والأسد سواء أيضا لما تقدم أن الاتحاد يفيد المساواة ويدل عليها دلالة أقوى من التصريح بها ؛ لإشعار التصريح باحتمال كونها في بعض الوجوه وعلى تقدير تسليمه ، فيكفى في الاعتراض أن الاستعارة تفيد في المعنى ما هو أقوى من إفادة التشبيه أي : تدل على الكمال في الوجوه دون التشبيه ، وإنما قلنا : يكفي ؛ لأن قوله : ليست مزية المجاز على الحقيقة أنه يفيد ما هو أكثر أي يدل على ما هو أقوى عام بظاهره لكل مجاز.
ومن جملة المجاز الاستعارة وهى تفيد أكثر وتدل عليه بالنسبة للتشبيه والقضية الكلية تناقضها الجزئية ، وأجاب المصنف بأن قوله ليس السبب إفادة الزيادة أي : الدلالة عليها ليس على عمومه في كل مجاز ؛ بل يعني أن ذلك لا يكون سببا دائما ، وإنما يكون سبب الأبلغية في الاستعارة مع التشبيه ، وأما المجاز المرسل والكناية والاستعارة بالنسبة إلى قولنا هو والأسد سواء فالسبب فيها هو الأمر العام ، وهو ما في كل من تأكيد الإثبات الحاصل من الانتقال إلى اللازم من الملزوم ، واعترض الشارح المصنف رحمهالله تعالى بأنه لم يفهم كلام الشيخ حيث حمل قوله يفيد زيادة على معنى أنه يدل على الزيادة ، قال وإنما مراد الشيخ بإفادة الزيادة تحصيلها في نفس الأمر بدليل قوله : إن المعنى لا يتغير في نفسه ، وعدم إفادة اللفظ للمعنى في نفس الأمر صحيح كما تقدم أن الخبر لا