المتوافقات المأتي بهما أو بها أو لا (أمر) يشترك فيه المتقابلان أو المتقابلات (شرط ثمة) أي : شرط في ضدي المتوافقين أو أضداد المتوافقات المأتي بهما أو بها ثانيا (ضده) أي : شرط ضد ذلك الأمر المشروط أولا وذلك (ك) ما في (هاتين الآيتين) الكريمتين ، وهما (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) (فإنه لما جعل التيسير مشتركا بين الإعطاء والاتقاء والتصديق جعل ضده) أي : ضد التيسير ، وهو التعسير المفاد بقوله تعالى : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) لأن التيسير المتعلق باليسرى والعسرى أريد به جعله ملحقا باليسرى أو العسرى ، واليسرى تضمنت التيسير الذي هو جعله ميسرا له كل ما يريد ، ولذلك فسرت بالجنة ، والعسرى تضمنت التعسير الذي هو جعله يتعسر عليه كل راحة ولطف ، ولذلك فسرت بالنار ، فالتعسير على هذا قد جعل (مشتركا بين أضدادها) أي : أضداد الأمور المذكورة أولا وأضدادها المشتركة في التعسير هي البخل والاستغناء والتكذيب ، والمراد بالشرط هنا ما يجتمع فيه المتوافقان أو المتوافقات لا الشرط المعروف ؛ لأن التيسير والتعسير الممثل بهما لذلك ليسا شرطين كما لا يخفى ، وحاصله أن شرط المقابلة أن يذكر في طرف منه معنى يشترك المتوافقان فيه أو المتوافقات إن ذكر مقابله كذلك في الطرف الآخر ، وعلى هذا لا يكون قوله :
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا |
وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل |
من المقابلة ضرورة أنه ذكر للمتوافقين الأولين ما اشتركا فيه وهو الاجتماع ، ولم يذكر ضده في مقابليهما الذي هو الافتراق ، وفي التعبير عما يشترك فيه المتوافقات بوجه من الوجوه بالشرط نوع خفاء كما لا يخفى ، وإنما أخر المقابلة الداخلة في التطابق عن الملحق بالتطابق مع أن المتبادر أن الذي ينبغي هو ذكر الداخل قبل الملحق للخلاف في هذا الداخل هل هو من التطابق أو لا؟ فناسب ذكر المتفق وما ألحق به.
ثم ذكر المختلف فيه :