قوله (لوقوعه في صحبة غيره) يتعلق بذكر ، أي : ذكره لأجل وقوعه .. الخ ، أو وقت وقوعه ، وذلك كما لو قيل لك : أسقيك ماء ، فقلت : بل اسقني طعاما ، فقد ذكرت الإطعام بلفظ السقي لوقوعه في صحبة السقي ، ومعنى الوقوع في صحبة الغير أن ذلك الشيء وجد مصاحبا للغير ، بمعنى أنه ذكر هذا عند ذكر هذا كما في المثال ، أو عند حضور معناه ، فشملت الصحبة الذكرية والصحبة العلمية ؛ لأنها في التقدير كالمذكورة ، وإلى ذلك أشار بقوله (تحقيقا أو تقديرا) أي : ذكره بلفظ الغير لوقوعه في صحبة ذلك الغير صحبة تحقيق بأن يذكر عند ذكره ، أو صحبة تقدير للعلم به فصار مقدر الذكر كالمذكور ، وإذا كان معنى الوقوع في الصحبة ما ذكر خرج جميع أنواع المجاورة ؛ لأن شيئا منها لا تكون علة ذكره وقوعه في صحبة الغير ذكرا أو تقديرا ، أما ما سوى المجاز الذي علاقته المجاورة كالظرف مع المظروف ، والملازمة كالجزء مع الكل فظاهر ، وأما الذي علاقته المجاورة أو الملازمة ، فليس العلة فيهما صحبة الذكر ، بل صحبة متقررة قبل الذكر ، هذا إن جعلت اللام في" لوقوعه" للتعليل ، وإن جعلت توقيتية كما تقدم أيضا فالإخراج حينئذ أظهر ؛ لأن شيئا منها ليس من شرطه أن يذكر وقت صحبته للغير ، ولهذا قيل المشاكلة ليست من الحقيقة ولا من المجاز ، وقيل : إنها من المجاز ؛ لأن العلاقة الحاصلة بالصحبة الذكرية والتقديرية ولو لم يذكرها القوم يؤخذ اعتبارها من المجاورة ، وكون علاقة المجاز لا بد فيها من التقدم إنما ذلك في الأغلب ، أو نقول سبقت هنا أيضا فإن قصد الإتيان به وإيقاعه في صحبة غيره سابق على ذكره بلفظ غيره مصاحبا له وهذا هو الذي يراعيه من يقول إن فيه مجاورة المقارن في الخيال ، وإلا فلا يخفى أن ليس هناك لزوم خيال سابق عن القصد والذكر ، والتحقيق أن المشاكلة من حيث إنها مشاكلة ليست حقيقة ولا مجازا ؛ لأنها مجرد ذكر المصاحب بلفظ غيره لاصطحابهما ، ولو كان نحو هذا القدر يكفي في التجوز ؛ لصح التجوز في نحو قولنا : جاء زيد وعمرو بأن يقال جاء زيد وزيد مرادا به عمرو لوقوعه في صحبة الغير ولا يصح ، بل المشاكلة أن يعدل عن لفظ المعنى إلى لفظ غيره في أماكن يستظرف فيها ذلك ، ولهذا قيل : إنها يجوز أن يكون لفظها مجازا ، وأن لا يكون كذلك فتجامعه