وليست نفسه ، وكونها مجازا إما باعتبار حكاية اللفظ المجازي عن المصاحب ، كما تقول لمن تريد أن تطلب منه مالا وقد قال لك : رأيت اليوم أسدا بلبده في الحمام أعطني أسدا بلبده من مالك تريد أعطني شيئا طائلا من مالك من غير أن تعتبر أن المعبر عنه في لفظك أنت بالأسد شبهته بشيء أو باعتبار تشبيهه بالمذكور ، كأن تعتبر أن المال المطلوب بمنزلة الأسد في المهابة والفتك في الأنفس والقلوب ، فيكون لفظ الأسد مجازا باعتبار تشبيهه المال المراد بالأسد الحقيقي ، ومشاكلة باعتبار صحبته من عبر عنه بالأسد ، وكذا لو اعتبرت في المثال الآتي أن الطبخ الحقيقي شبه به النسج في الرغبة والحاجة ، فإنه يكون مجازا باعتبار التشبيه ، ومشاكلة باعتبار المصاحبة ، ولو لم تعتبر تجوزا لم يكن حقيقة بل مجرد مشاكلة ، ولا بد من قرينة إرادة التجوز ، وقوله في تعريف المشاكلة : ذكر الشيء بلفظ الغير لوقوعه في صحبة ذلك الغير ظاهره اختصاص المشاكلة بذكر نفس المصاحب ، وليس كذلك ، بل تجري المشاكلة بلفظ ضد المذكور وتجري بلفظ مناسبة ، أما جريانها في الضد فكقولك ـ لمن قال لك أنت سبط الشهادة أي : مستمر حفظها أو قبولها دائما ـ : لم تجعد تلك الشهادة عني ، بمعنى : أني حافظ لشهادتي ليست قاصرة عن إدراكي ، كما روى أن القاضي شريحا قال مثل الكلام الأول لرجل فقال هو مثل الثاني ، فقد عبر بسبوطة الشهادة الذي أصله انطلاق الشعر وامتداده عن استمرار الشهادة امتداد حفظها ، أو زمانها مطلق الامتداد الصادق بامتداد أمد قبول الشهادة أو أمد حفظها ، وعبر عن قصورها بضد السبوطة وهي الجعودة تعبيرا بالملزوم عن اللازم ؛ لأن الجعودة تستلزم القصور ، فلذلك قيل : لو لا مصاحبة السبوطة ما حسن ذكر الجعودة ، وأما جريانها في المناسب فكما ورد أن رجلا قال لوهب أليس قد ورد أن لا إله إلا الله مفتاح الجنة فقال وهب : بلى ، ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان فإن جئت بالأسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك فقد عبر عن لا إله إلا الله بالمفتاح ، وعبر عن الشرائع والأعمال المعتبرة في الإسلام بالأسنان مشاكلة بالمناسب ، إذا الأسنان تناسب المفتاح ، وقد عرفت أن التعبيرين في الأولين مجاز ، وكذا في الثانيين ولذا قيل : إن المشاكلة بالضد والمناسب لا تكون إلا مع تجويز ، ومن أجل ذلك اقتصروا في ذكرها على الأمر الأعم