ثم وصف الشوهاء بإنها (مثل الفنيق) وهو الفحل من الإبل الذي ترك أهله ركوبه تكرمة له. (المرحل) أي المزعج ، فالمرحل من رحل البعير ، بتشديد الحاء إذا أشخصه وأرسله وأزعجه عن مكانه وشبه الفرس به في القوة والعلو وعدم القدرة على مصادمتها فقد ظهر أنه انتزع من نفسه مستلئما آخر أي مستعدا للحرب مبالغة في استعداده للحرب ولزومه ليس اللأمة ، له حتى صار بحيث يخرج منه مستعد آخر يصاحبه ، وقد أدخل الباء على المنتزع دون المنتزع منه ، كما في القسم قبل هذا.
(ومنها) أي ومن أقسام التجريد ما يكون حاصلا بدخول في على المنتزع منه وذلك (نحو قوله تعالى) في التهويل بأمر جهنم ووصفها بكونها محلا للخلود ، وكونها لا يعتريها ضعف ولا اضمحلال ولا انفكاك أهلها عن عذابها : (لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ)(١) أي) لهم (في جهنم) دار الخلد (وهي) أعني جهنم نفسها (دار الخلد) ولكن بولغ في اتصافها بكونها دارا ذات عذاب مخلد ، حتى صارت بحيث تفيض وتصدر عنها دار أخرى ، هي مثلها في الاتصاف بكونها دارا ذات عذاب مخلد وفي هنا للظرفيه فكأنه قيل إن ثم دارا أخرى كانت في هذه الدار التي هي دارهم الملازمة لهم ، التي لا ينفك عنهم عذابها ، ولا يضعف مع طول الخلود ، ولا تفني بتصرم الأحقاب ولا تبيد ولا تنال فيها الراحة باستمرار الارتقاب ، وكل ذلك للمبالغة في اتصافها بالشدة وللتهويل بأمرها في العذاب ، وعدم انقطاعه بطول المدة ، فكأنه قيل : ما أعظم تلك الدار ، في لزومها لهم وكونها لا تضعف بالخلود ، حتى إنها تفيض بدار أخرى مثلها في اللزوم وقوة العذاب بلا ضعف مع التخليد. وقانا الله برحمته من هولها وعذابها نحن وآباءنا ، وأولادنا ، وأزواجنا ، وأشياخنا ، وإخواننا ، وجميع المؤمنين بمحمد صلىاللهعليهوآله وصحبه وسلم.
(ومنها) أي ومن أقسام التجريد ما يكون حاصلا بدون توسط حرف أصلا ، ولكن يؤتى بالمنتزع على وجه يفهم منه الانتزاع بقرائن الأحوال بلا حرف يستعان به
__________________
(١) فصلت : ٢٨.