كاف عن كل يمين إذ لا يحلف به كاذبا (لئن كنت) اللام لتوطئة القسم بمعنى أنها دالة على القسم المحذوف كما تدل التوطئة على الموطأ له (قد بلغت عني خيانة) أي غشا وعداوة وبغضا (لمبلغك) اللام فيه جواب القسم أي والله لمبلغك تلك الخيانة (الواشي) وهو الذي يذهب بالكلام على وجه الإفساد (أغش) من كل غاش وهو مأخوذ من غش إذا خان وخدع في الباطل (وأكذب) من كل كاذب ثم أشار إلى سبب مدح آل جفنة ليكون ذلك ذريعة لنفي اللوم عنه فقال (ولكننى) أي : ما كنت امرأ قصدت بمدحهم التعريض بنقصك ولكني (كنت امرأ لى جانب) أي : جهة (من الأرض فيه) أي : في ذلك الجانب (مستراد) موضع طلب الرزق وأصله من راد الكلأ أي الربيع إذا جاء طالبا له ، وعبر بالاسترادة هنا عن مجرد طلب الرزق (و) فيه (مذهب) أي موضع الذهاب لطلب الحاجات والأرزاق ؛ لأن ذلك الجانب مظنة الغنى والوجدان (ملوك) يحتمل أن يكون مبتدأ حذف خبره ؛ لأن من المعلوم أن الرزق ليس من ذات المكان بل من ساكنيه فكأنه قيل : من في ذلك الجانب الذي تطلب الرزق فيه فقال فيه ملوك وتكون الجملة كالجواب لسؤال مقدر ويحتمل أن يكون بدلا بتقدير المضاف أي مكان ملوك ، وقد فهم المقصود على كل تقدير وهو أن الرزق من هؤلاء الملوك ، ثم أشار إلى مدح هؤلاء الملوك بالتواضع وأنهم يصيرون الناس مع اتصافهم برفعة الملك إخوانا فقال (وإخوان) أي : فيه ملوك بالمعنى وإخوان بالتواضع ، فعلى هذا لا يرد أن يقال وصفهم بالأخوة ينافي مدحهم بالملك ، للعلم بأن المادح ليس بملك مثلهم ، فكونهم ملوكا لا يناسب كونهم إخوانا للمادح من وصف أولئك الملوك أنى (إذا ما مدحتهم) أي : إذا مدحتهم (أحكم) أي أجعل حاكما (في أموالهم) متصرفا فيها بما شئت أخذا وتركا (وأقرب) بالتوقير والتعظيم والإعطاء (كفعلك) أي كما تفعل أنت (في قوم أراك اصطنعتهم) أي : اصطفيتهم لإحسانك واخترتهم لصنعك وتفضيلك بسبب مدحهم إياك ، فترتب على إحسانك إليهم واصطناعك إياهم أنك (لم ترهم في مدحهم لك أذنبوا) أي لم تعدهم مذنبين في مدحهم إياك ، وقد أنتج هذا الكلام أني لا عتاب علىّ في مدحهم من قبلك ، كما لا عتاب من قبلك لمن مدحك ضرورة أن سبب نفى