لو لم تكن نية الجوزاء خدمته |
لما رأيت عليها عقد منتطق) (١) |
الجوزاء معلومة وهي برج من البروج الفلكية ، وحولها نجوم تسمى نطاق الجوزاء ومعنى البيت أن الجوزاء على ارتفاعها لها عزم ونية لخدمة الممدوح ؛ ومن أجل ذلك انتطقت أي شدة النطاق تهيؤا لخدمته فرؤية النطاق دليل على النية ، فلو لم تنو خدمته ما رأيت عليها نطاقا شدت به وسطها والنطاق والمنطقة ما يشد به الوسط ، وقد يكون مرصعا بالجواهر ، حتى يكون كعقد خالص من الدر فالانتطاق هنا أراد به الحالة الشبيهية بالانتطاق ، وهي كون الجوزاء أحاطت بها تلك النجوم ، كإحاطة النطاق الذي فيه جوهر ، فصار كعقد من الدر بوسط الإنسان فقد جعل علة الانتطاق في الخارج نية خدمة الممدوح ، وجعل الانتطاق دليلا على نية الخدمة ؛ لأنه يصح الاستدلال برؤية المعلوم على وجود العلة ونحو هذا الاعتبار هو المفاد بنحو هذا التركيب لغة ، فإنه إذا جاءك إنسان وكان مجيئه سبب إكرامك إياه في الخارج ، وأردت أن تستدل على أن المجيء كان فكان مسببه الإكرام قلت لو لم تجئني ما أكرمتك أي لكني أكرمتك فانتفى التالي فينتفي المقدم وهو عدم المجيء فيثبت المجيء المستلزم للإكرام.
فعلى هذا تكون العلة كما ذكرت ، نية خدمة الممدوح ، والمعلول هو الانتطاق.
ومن المعلوم أن انتطاق الجوزاء ثابت ، إذ المراد به إحاطة النجوم بها كإحاطة النطاق بالإنسان وإذا كان المراد بالانتطاق الحالة الشبيهة بالانتطاق فهي محسوسة ثابتة ونية الخدمة التي هي علتها غير مطابقة فيكون هذا المثال لقسم ما عللت فيه صفة ثابتة بعلة غير مطابقة كما تقدم في قوله (٢) :
لم يحك نائلك السحاب وإنما |
حمت به فصبيبها الرحضاء |
لا من قسم ما عللت فيه صفة غير ثابتة ، يعني لأن النية لا تتصور إلا من الحي العالم دون الجوزاء ، وهو يقتضي أن المعلل هو النية والعلة هي الانتطاق وهذا المعنى لا يدل عليه التركيب ، ولا يوجد في المعنى ؛ لأن النية سبب الانتطاق ، وليس الانتطاق سببا
__________________
(١) البيت مترجم عن بيت فارسى فى الإيضاح ص (٥٢٢) ، وفي عقود الجمان (٢ / ١٠٧ ، ٣٨٢).
(٢) البيت لأبى الطيب فى شرح التبيان للعكبرى (١ / ٣٣).