أحدهما : ما أشار إليه السكاكي من أنه يقع في قول الله تعالى كما فى قوله سبحانه (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى)(١) قال : فلا أحب أن يقال فى الكلام المنسوب إلى الله تعالى تجاهل العارف يعني بخلاف غير هذه العبارة فإنها أقرب إلى الأدب ولفظ الغير فيها وإن كان عبارة عن المجهول لكن دلالته أستر لعمومه والآخر أنه أكمل في الدلالة على المقصود. وظاهر عبارة المصنف أن هذا الثاني تعريف للأول إلا أن السكاكي اختار تسمية المعنى به وهو قريب مما ذكرنا ثم أشار إلى أمثلة النكتة المشروطة في هذا النوع بقوله : وذلك (كالتوبيخ في قول الخارجية : أيا شجر الخابور) (٢) وهو موضع من ديار بكر ، وبكر من عظماء الجاهلية (مالك مورقا) أي : أي : شيء ثبت لك في حال كونك مورقا أي : مخرجا لأوراقك ناضرا أي : ناعما لا ذابلا يقال أورق الشجر صار ذا ورق (كأنك لم تجزع على ابن طريف) فإنها علمت أن الشجر لا علم له بابن طريف ولا بهلاكه فتجاهلت وأظهرت أنها كانت تعتقد علمه بابن طريف ومآثره وأنه يجزع عليه كغيره جزعا يوجب ذبوله وأن لا يخرج ورقه فلما أورق وبخته على إخراج الورق وأظهرت أنها حينئذ تشك في جزعه فإذا كان الشجر يوبخ على عدم الجزع فأحرى غيره فالتجاهل هنا المؤدي إلى تنزيل ما لا يعلم منزلة العالم صار وسيلة للتوبيخ على الإيراق ووسيلة إلى أن مآثره بلغت إلى حيث يعلم بها الجمادات ، ولو أتت بما يدل على أنه لا يعلم بابن طريف وأنه من جملة الجمادات ما حسن التوبيخ ولا اتضح ظهور المآثر حتى للجمادات فافهم.
(و) ك (المبالغة في المدح كقوله) أي كما في قوله :
(ألمع برق سرى أم ضوء مصباح |
أم ابتسامتها بالمنظر الضاحي) (٣) |
__________________
(١) طه : ١٧.
(٢) البيت لليلى بنت طريف ، فى الإشارات ص (٢٨٦) ، والمصباح ص (٢٥) ، والدرر (٢ / ١٦٣) ، والأغانى (١٢ / ٨٥ ، ٨٦) ، والحماسة الشجرية (١ / ٣٢٨) ، والإيضاح ص (٣١٩).
(٣) البيت للبحترى ، فى ديوانه (١ / ٤٤٢) ، والإشارات ص (٢٨٦).