(و) نعود (أيضا) لتقسيم الجناس التام تقسيما آخر وهو أنه (إن كان أحد لفظيه مركبا) بأن لا يكون مجموعه كلمة واحدة بل كلمتين أو كلمة وجزء كلمة أخرى أو جزأين من كلمتين ، وكان الآخر مفردا بأن يكون مجموعه كلمة واحدة (سمى) ذلك الجناس الذي مجموع لفظ منه مركب ومجموع الآخر مفرد (جناس التركيب) لتركب أحد لفظيه وفيه حينئذ قسمان ؛ لأن اللفظين إما أن يتفقا في الخط بأن يكون ما يشاهد من هيئة مرسوم المركب هو ما يشاهد من مرسوم المفرد ، وإما أن لا يتفقا بأن يكون مرسوم أحدهما مخالفا لهيئة مرسوم الآخر ولكل منهما اسم يختص به وإلى ذلك أشار بقوله (فإن اتفقا) أي اللفظان أعني : المفرد والمركب (في الخط خص) هذا النوع من جناس التركيب (باسم المتشابه) لتشابه اللفظين في الكتابة ما تشابها في أنواع الاتفاقات المتقدمة غير الاسمية والفعلية والحرفية وذلك (كقوله إذا ملك لم يكن ذا هبة) (١) أي صاحب هبة وعطاء (فدعه) أي اتركه وابعد عنه (فدولته ذاهبة) أي : منقطعة غير باقية ولا شك أن اللفظ الأول مركب من ذا بمعنى صاحب وهبة وهي فعلة من وهب ، والثاني مفرد إذ هو اسم فاعل المؤنث من ذهب وكتابتهما متفقة في الصورة فالجناس بينهما متشابه (وإلا) أي : وإن لم يتفق اللفظان في الخط أعني اللفظ المفرد والمركب (خص) هذا النوع من جناس التركيب (باسم المفروق) لأن اللفظين فيه افترقا في صورة الكتابة ، وذلك (كقوله :
كلكم قد أخذ الجا |
م ولا جام لنا) (٢) |
الجام إناء يشرب فيه الخمر (ما الذي ضر) أي أي شيء ضر (مدير الجام) أي لا ضرر على مدير الجام وهو ساقي القوم به لأنه يديره عليهم حال السقي (لو جاملنا) أي : عاملنا بالجميل أي : لا ضرر عليه في معاملتنا بالجميل بأن يديره علينا كما أداره عليكم فاللفظ الأول من المتجانسين مركب من اسم لا وخبرها وهو المجرور مع حرف
__________________
(١) البيت لأبى الفتح البستى فى الطراز (٢ / ٣٦٠) ، الإشارات ص (٢٩٠) ، وفى الإيضاح ص (٣٢٤) ، ونهاية الإيجاز ص (١٣٢).
(٢) البيت لأبى الفتح فى الإشارات ص (٢٩١) ، وشرح عقود الجمان (٢ / ١٤١) ، وبلا نسبة فى نهاية الإيجاز.