الشعر هي لفظ ختمت به البيت إما الكلمة نفسها أو الحرف الآخر منها أو غير ذلك كأن تكون من المحرك قبل الساكنين إلى الانتهاء على ما تقرر من المذاهب فيها ، وعلى كل حال فليست القافية عبارة عن تواطؤ الكلمتين في آخر البيتين فالمناسب في التشبيه بها أن يراد بالسجع في كلامه اللفظ لا توافقه الذي هو مصدر هو وصف لذلك اللفظ أعني موافقة ذلك اللفظ لمثله في الحرف الآخر فيدل على أن السكاكي أراد بالسجع اللفظ هذا التشبيه ويدل عليه أيضا تعبيره عنه بلفظ الجمع حيث قال : إنها أي الأسجاع كالقوافي في الشعر إذ لو أراد المصدر لعبر بالإفراد ؛ لأن المصدر لا يجمع إلا إذا أريد به الأنواع ، وإرادة الأنواع لا يتعلق بها الغرض هنا فتعينت إرادة اللفظ وإذا تقرر هذا تعين أن يكون المراد بقول المصنف وهو معنى قول السكاكي إلخ أن ما ذكرنا هو محصول كلام السكاكي وفائدته بمعنى أن تسمية الفاصلة سجعا إنما هو لوجود التوافق فيها ولو لا ذلك ما سميت ، فعاد الحاصل إلى أن العلة التي أوجبت التسمية هي المسماة في الحقيقة وفي القصد وفيه نظر ؛ لأن الكلام في تحرير الاصطلاح ولا يلزم من كون الشيء علة في التسمية الإصطلاحية كون تلك العلة هي المسماة ، نعم إن تقرر للسكاكي كون التوافق هو المسمى جاز أن يقال وهذا مراده على معنى تقدير المضاف ، أي : توافق الفواصل في النثر كتوافق القوافي في الشعر وهو خلاف الظاهر نعم إن حمل التشبيه على الظاهر اقتضى جريان الخلاف في حد الفاصلة كما جرى في حد القافية ، ولكن هذا ليس بمعهود فلما انفتح باب التأويل في كلام السكاكي جاز حمله على ما ذكر والخطب سهل في مثل هذا فتحصل من ظاهر ما تقرر عند المصنف والسكاكي أن السجع قد يطلق على توافق الفاصلتين ، وقد يطلق على نفس الكلمة الأخيرة من الفقرة لموافقتها للكلمة الأخيرة من فقرة أخرى ومرجع المعنيين واحد وقد عرفت ما فيه إلا أن يقال : إن تسمية التوافق هو الاصطلاح وهو الأصل وتسمية الكلمة على وجه التجوز فتحقق كون المرجع واحدا ؛ لأن المقصود بالذات في التسمية هو التوافق وههنا أربعة ألفاظ ينبغي إحضار مسمياتها ؛ ليزول الالتباس في كثرة دورها على الألسن السجع والفاصلة والقرينة والفقرة فالقرينة قطعة من الكلام جعلت مزاوجة لأخرى والفقرة