الاستعارة بالكناية فلا شك أن قوله فهو لا مقابل له من القرينة الأخرى ، وباقي الألفاظ مساوية لما يقابلها وزنا وتقفية فيطبع مساو ليقرع والأسجاع مساو للأسماع والجواهر مساو للزواجر والفاصلة مساوية للأخرى فهذا مثال لما تساوت فيه جميع المتقابلات ولو بدل الأسماع بالآذان كان مثالا لما تساوى فيه الجل ؛ لأن الآذان لا يساوي الأسجاع تقفية ولو ساواه وزنا وهو ظاهر (وإلا) يكن جميع ما في القرينة من المتقابلات مساويا لما يقابلها ؛ ولأجل ما فيها مساويا وهو صادق بأن يقع الاختلاف في الجل وأن يقع في الكل ، وأن يقع في النصف ، وصادق بكون الاختلاف في الوزن والتقفية معا وبكونه في أحدهما دون الآخر وهذا كله مع فرض الاتفاق في نفس الفاصلتين ؛ لأن الاختلاف هنا إنما يفرض في غيرهما (فمتواز) أي : فهذا النوع من السجع يسمى متوازيا ؛ لتوازي الفاصلتين وزنا وتقفية دون رعاية غيرهما والتسمية يكفي فيها أدنى اعتبار إذ الغرض تمييز أجناس المقاصد بالتسمية ثم مثل لما وقع فيه الاختلاف في نصف القرينتين وهو جميع غير الفاصلتين مهملا لغيره لكفايته فقال وذلك (نحو) قوله تعالى (فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ) (١) هذه قرينة (وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ) (٢) هذه أخرى فلفظ فيها لا يقابله لفظ من الأخرى وسرر وهو نصف ما بقى ؛ لأن العبرة هنا بالألفاظ دون نفس الحروف يقابله من الأخرى أكواب وهو نصف الأخرى وهما مختلفان وزنا وتقفية معا ، كما لا يخفى وقد يختلف النصف المقابل في الوزن فقط ويكون متوازيا كقوله تعالى (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً* فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً) (٣) فالمرسلات مع العاصفات متفقان تقفية ولم يتفقا وزنا ، وكل منهما نصف القرينة كذا قيل وفيه نظر ؛ لأن المعتبر من الوزن هنا الوزن الشعري كما قيل لا الوزن النحوي ، وعليه فهما متوقفان إذ المتحرك في مقابلة المتحرك والساكن في مقابلة الساكن وعدد الحروف المنطوق بها واحد فيهما ، وإن كان وزن المرسلات في النحو المفعلات والعاصفات الفاعلات وقد تختلف التقفية فقط فيما
__________________
(١) الغاشية : ١٣.
(٢) الغاشية : ١٤.
(٣) المرسلات : ١ ـ ٢.