يعتبر فيه التقابل دون الوزن ، ويكون متوازيا أيضا ، كقولنا : حصل الناطق والصامت أي حصل عندنا اكتساب العبيد واكتساب غيرهم مما لا ينطق وهلك الحاسد والشامت وهو الذي يفرح بنزول المصائب فبين حصل وهلك تخالف في التقفية دون الوزن ، وكذا بين الناطق والحاسد وأما الصامت والشامت فهما فاصلتان لا بد فيهما من التوافق هنا ثم أشار إلى بيان أحسن السجع وإلى مراتبه فقال (قيل وأحسن السجع ما تساوت قرائنه) في اللفظات وأحسن هذا الأحسن أقصره قرينة ؛ لصعوبة إدراكه وعزة اتفاقه ولقرب سجعه من السجع بخلاف التطويل وأحسنه ما كان من لفظين وينتهي الأقصر إلى تسع كلمات وما زاد على ذلك تطويل وشرط الحسن أن لا تكون إحدى القرينتين تكرارا للأخرى وإلا كان تطويلا ، كقوله : طاروا واقين بظهورهم صدورهم وبأصلابهم نحورهم فإن الظهور بمعنى الأصلاب والصدور بمعنى النحور ، ثم مثل لما تساوت قرائنه فقال وذلك (نحو) قوله تعالى (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) (١) هذه قرينة (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) (٢) هذه أخرى (وظل ممدود) هذه أخرى وقد تساوت في كون كل مركبة من لفظين (ثم) يلي ما تساوت قرائنه في الحسن الكائن باعتبار التساوي (ما طالت قرينته الثانية نحو) قوله تعالى (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) (٣) هذه قرينة (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) (٤) هذه الثانية وهي أكثر في الكلمات مما قبلها فهي أطول (أو) طالت قرينته (الثالثة) فهو ما يلي المتساوي في الحسن أيضا (نحو) قوله تعالى (خُذُوهُ) (٥) هذه قرينة (فَغُلُّوهُ) (٦) هذه أخرى وهما متساويان في أن كلا منهما كلمة واحدة ولا عبرة بحرف الفاء المأتي به للترتيب في كونهما من كلمتين (ثم الجحيم صلوه) هذه الثالثة وهي أطول من كل مما قبلها (ولا يحسن أن يولي قرينة) أي لا يحسن أن يؤتى بقرينة
__________________
(١) الواقعة : ٢٨.
(٢) الواقعة : ٣٠.
(٣) النجم : ١.
(٤) النجم : ٢.
(٥) الحاقة : ٣٠.
(٦) الحاقة : ٣٠.