فإذا حسن تخيل قتالها حسن استدراك أنها لم تقاتل ، وأما كونها مع الرايات نواهل في دماء القتلى وتظليها الأعلام فلا يحسن معه تخيل قتالها ، كالجيش إذا نظر إلى ما ذكر من حيث هو ، وإن روعي أن كونها مع الرايات نواهل في الدماء وتظليها لها يوجب اختلاطها مع الجيش ويشعر بها ، وذلك يقتضي عدها منه ، وتخيل قتالها أمكن الاستدراك باعتبار هذا اللزوم ، ولكن لا يحسن الاستدراك كحسنه في التصريح بكونها من الجيش ، لخفاء هذا اللزوم ؛ ولأن الاستدراك لا يتكل فيه غالبا على اللزوم والذوق السليم شاهد صدق على عدم حسنه كحسنه مع ذكر كونها من الجيش وقيل إن الضمير في قوله : بها عائد إلى الأمور الثلاثة التي ذكرها المصنف وهى التي زادها أبو تمام وأن المراد أن بتلك الأمور حسن معنى البيت الأول أي : المعنى الذي أخذه أبو تمام من بيت الأفوه الأول ، وهو تساير الطيور على آثارها واتباعها إياهم في الزحف ، وفيه تكلف ؛ لاحتياجه إلى التقدير ، وإيهامه أن حسن معنى البيت الأول متوقف من حيث هو على هذه الزيادات ، وفيه مخالفة لما في الإيضاح أيضا.
فإن قلت : ما وجه تحسين هذه الأمور للمأخوذ من الأفوه؟ قلت : إقامتها مع الرايات وكونها مختلطة بالجيش يفيد المقصود من كمال شجاعتهم ، وأن الطيور دائما تثق بهم في القتل ، وتشبع من قتلاهم ، والاستثناء يزيد حسنا لمناسبته ، ولكن هذا يفيد الإلمام بمعنى رأي العين ، والوثوق بالميرة كما تقدم.
ولا يناسب كلام المصنف إلا أن يقال : معنى قوله لم يلم أنه لم يأت بذلك على وجه ، بين بل يحتاج إلى تأويل ، وفيه ضعف ، والأحسن بناء على كلام المصنف أن يقال في الجواب : إن ذكر كونها نواهل في الدماء يفيد أنها لا تتكلف أكل اللحم ؛ لكثرة القتلى بل تكتفي باحتساء الدماء وما في معناها مما يسهل كالكبد والطحال.
وفي ذكر كونها مقيمة مع الرايات حتى كأنها من الجيش حكاية لحال عجيبة من الطيور مع الجيش في تظليلها الجيش حتى كأنها مسخرة لهم ، كما سخرت لسليمان على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسّلام ، مع زيادة أن ذلك ضحى ، والمعهود أن الطير تقيل ضحى ، فقد اتضح وجه كون تلك الزيادة مفيدة لحسن المأخوذ ، فإن قلت أي