وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ* وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ)(١) وكما في قوله تعالى : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(٢) ولما سمع بعض الصحابة قول مسيلمة الكذاب يا ضفدعة بنت ضفدعين أعلاك في الماء وأسفلك في الطين ، لا الماء تكدرين ولا البحر تغيرين وقوله الفيل ما الفيل وما أدراك ما الفيل له ذنب وثيل ، وخرطوم طويل. تعجب من غواية من اغتر بقوله فقال : وأين هذا من قوله تعالى : (سَبَّحَ لِلَّهِ) إلى آخر الآية ، وكذا قوله في الخاتمة (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ* وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٣)(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً)(٤) وتجد في الفواتح أو الخواتم أو التوسط أدعية كما في الفاتحة وآخر البقرة ، وتجد وصايا كما في خاتمة آل عمران ، والفرائض كما في خاتمة النساء ، والتبجيل والتعظيم كما في خاتمة المائدة ، والوعد والوعيد كما في خاتمة الأنعام وغير ذلك كالتنبيه للأيقاظ بالنداء ، كما في يأيها الناس وكافتتاح السور بالحروف التي لم تفهم ليتحير العقل ، فيتشوف ، والأوامر والنواهي المناسبة ، وغير ذلك مما وقع موقعه وأصاب محزه أي : مفصله ؛ بحيث لم يحد عما يناسبه بوجه ، وكل ذلك في النهاية بحيث تقصر عن كنه وصفه العبارة ، وبحيث يجزم بأنه لا يبقى للنفس بعد سماع خواتمها تشوف لما وراء ذلك ، ولا بعد سماع فواتحها عدول لغير
__________________
(١) الأنعام : ١ ـ ٣.
(٢) الحديد : ١ ـ ٢.
(٣) الصافات : ١٨٠ ـ ١٨٢.
(٤) الإسراء : ١١١.