التحقيقية والمكنى عنها ، ويأتى ـ إن شاء الله تعالى ـ تفسيرهما ، وذلك لأن استعارة اللفظ إنما تكون بعد المبالغة فى التشبيه وإدخال المشبه فى جنس المشبه به.
وجب ضم التشبيه لهذا الفن لنوقف باب منه عليه ، (فتعين التعرض له) أى : للتشبيه المتوقف عليه على أنه باب زائد على البابين قبل التعرض للمجاز ؛ لأن المتوقف عليه متقدم على المتوقف طبعا إن لم يكن للتأثير كما تقدم فى توقف الكل على الجزء ، وإنما قدم على جميع المجاز مع أن المتوقف على التشبيه قسم منه ، وهو الاستعارة لينضم غير المتوقف ، وهو المجاز المرسل ، لما يشاكله فى المجاز ، ولما توقف قسم منه وهو ملابس للقسم الآخر صار توقفه كتوقف القسم الآخر ، نعم يرد أن يقال التشبيه على هذا ليس من مقاصد الفن بل من وسائله ؛ فكيف عد بابا ، ولم لم يجعل مقدمة للمجاز ، فإن التوقف عليه الموجب للتعرض له لا يوجب جعله بابا مستقلا.
والجواب أن كثرة أبحاثه وجموع فوائده أوجب جعله بابا مستقلا ، وعلى هذا فهو مقدمة فى المعنى ؛ وإنما جعل بابا تشبيها له بالمقصود فى كثرة الأبحاث ، وقيل : إنه باب مستقل لذاته ؛ لأن الاختلاف فى وضوح الدلالة وخفائها موجود فيه كما تقدم فهو من هذا الفن قصدا ، ولو توقف عليه بعض أبوابه ؛ لأن توقف بعض الأبواب على بعض لا يوجب كون المتوقف مقدمة للفن وعروض وجه تقديمه على المجاز بمثل ما قرر فى تقديم المجاز على الكناية ؛ لأن التشبيه مشتمل على الطرفين معا ، والاستعارة معناها أحد الطرفين فهى له كالجزء من الكل ، لكن رجحت فى التقديم علة التوقف ؛ لأنها أنفع فى الإدراك والتعليل الآخر مناسبة تمليحية فقط ، (فقد انحصر) علم البيان على ما ذكرنا (فى) الأبواب (الثلاثة) لانحصار المقصود منه على ما يتوقف عليه البعض منه فيها ، وهى : التشبيه ، والمجاز ، والكناية وقيل : إنها أربعة : الاستعارة ، والتشبيه الذى تتوقف هى عليه وجرت له كالجزء ، والمجاز المرسل ، والكناية التى جرت لها المرسل كالجزء من الكل ، والخطب فى مثل هذا سهل ، وبالله تعالى التوفيق.