على المغتسل (١) سمعته يقول : النار .. النار .. ففزعت وخرجت ، وقلت ذلك للناس .. فدخلوا ، وعدت إليه (٢) فسمعته يقول : النعيم .. النعيم .. الجنة .. فدفناه ، فلما كان فى الليل رأيته فى المنام ، فقلت له : ما فعل الله بك؟ قال : غفر لى وقت فضحتنى (٣) وقال : أنا لا أجمع على عبدى فضيحتين ، وأباحنى الجنة.
وقال يحيى بن معين (٤) : قال لى حفّار (٥) : أعجب ما رأيت (٦) فى هذه المقابر أننى سمعت من قبر أنينا كأنين المريض .. وسمعت من قبر : والمؤذّن يؤذّن ، وهو يجيبه (٧) من القبر.
وقال إبراهيم بن أدهم (٨) : رفعت جنازة بالسّاحل فقلت : بارك الله
__________________
(١) المغتسل : مكان الاغتسال.
(٢) فى «ص» : «وعدت إلى غسله».
(٣) فى «م» : «فضيحتى».
(٤) هو يحيى بن معين بن عون بن زياد ، من أئمة الحديث ، ومؤرخى رجاله ، نعته الذّهبي بأنه «سيد الحفّاظ». وقال عنه العسقلانى : «إمام الجرح والتعديل» .. وقال ابن حنبل : «أعلمنا بالرجال» .. ولد يحيى بن معين سنة ١٥٨ ه بقرية «نقيا» قرب الأنبار ، وكان أبوه على خراج «الرّىّ» ، وخلف له ثروة كبيرة ، فأنفقها فى طلب الحديث ، وعاش ببغداد ، وتوفى بالمدينة حاجّا سنة ٢٣٣ ه ، وصلّى عليه أميرها.
[انظر الأعلام ج ٨ ص ١٧٢ و ١٧٣ ، وتاريخ بغداد ج ١٤ ص ١٧٧ ـ ١٨٧ ، وتذكرة الحفاظ ج ٢ ص ٤٢٩ ـ ٤٣١].
(٥) فى «ص» : «حفار مقابر».
(٦) فى «ص» : «أريت».
(٧) فى «ص» : «وهو يجيب» أى : يردّد ما يقوله المؤذّن.
(٨) هو إبراهيم بن أدهم بن منصور التميمى البلخى ، أبو إسحاق ، زاهد مشهور ، كان أبوه من أهل الغنى فى بلخ ـ وقيل : كان من أبناء الملوك ـ فتفقّه ورحل إلى بغداد ، وجال فى العراق والشام والحجاز ، وأخذ العلم عن كثير ممن فى الأقطار الثلاثة ، وكان من أهل الزهد والورع ، صحب أبا سفيان الثورى ، والفضيل بن عياض ، وكان يأكل من عمل يده ، ولم يعبأ بمال أبيه ، وكانت وفاته سنة ١٦١ ه. وأخباره كثيرة.