وقال عبد الله بن المعتز :
نسير إلى الآجال فى كلّ ساعة |
|
وأيّامنا تطوى وهنّ مراحل (١) |
ولم أر مثل الموت حقّا كأنّه |
|
إذا ما تخطّته الأمانىّ باطل (٢) |
وما أقبح التفريط فى زمن الصّبا |
|
فكيف به والشّيب فى الرّأس شاغل (٣) |
ترحّل من الدّنيا بزاد من التّقى |
|
فعمرك أيّام تعدّ قلائل |
وقال عبد الله بن المعلم (٤) : خرجنا من المدينة حجّاجا نريد المدينة بغداد ، التى هى مدينة المنصور ، فإذا أنا برجل من بنى هاشم من بنى العبّاس ابن عبد المطلب ، قد رفض الدنيا وأقبل على الآخرة ، فجمعتنى وإيّاه الطّريق ، فأنست به ، وقلت : هل لك أن تعادل (٥) ، فإنّ معى فضلا من راحلتى؟ فجزانى خيرا وقال : لو أردت هذا لكان لى معدّا .. ثمّ أنس إلىّ ، فجعل يحدثنى ، فقال : أنا رجل من ولد العباس ، كنت أسكن البصرة ، وكنت ذا كبر شديد ، وبذخ ، وأنّى أمرت خادما إلى أن يحشو لى فراشا من حرير ،
__________________
(١) المراحل : جمع مرحلة ، وهى المسافة يقطعها السّائر فى نحو يوم ، أو هى ما بين المنزلين.
(٢) فى «م» : «ولم أر مثل الموت حتّى كأنه» مكان «حقّا كأنه» وما أثبتناه هنا عن ديوان ابن المعتز ، وعن سراج الملوك.
[انظر ديوان ابن المعتز ج ٢ ص ٤١٢ و ٤١٣ ط دار المعارف ، وانظر سراج الملوك ، الباب الأول ط الدار المصرية اللبنانية].
(٣) هكذا البيت فى «م» .. وفى الديوان : «شامل» مكان «شاغل» .. وفى سراج الملوك : «شاعل» بالعين المهملة .. وكلها تفيد معنى انتشار الشيب فى الرأس.
(٤) هو عبد الله بن محمد بن فضلويه المعلم .. محدّث وراوية ، سمع من عبد الله بن محمد بن منازل ، وعبد الله الرازى ، وأبى العباس الدينورى ، وغيرهم.
[انظر الرسالة القشيرية ج ٢ ص ٥٨٠ وغيرها من الصفحات ، وانظر طبقات الصوفية ص ١٢٧ وغيرها من الصفحات].
(٥) فى سراج الملوك : «هل لك أن تعادلنى»؟ وعادل بين الشيئين : وازن بينهما. وعادل فلانا فى المحمل : ركب معه ، وهو المراد هنا.
[انظر الحكاية فى الباب الأول من المصدر السابق].