يصلي في الكعبة ، فمرت امرأة بين يديه ، فأراد رجل أن يدفعها ، فقال له الإمام : دعها ، فإن مكة سميت بكة ، لأن الناس يبك بعضهم بعضا ، تمر المرأة بين يدي الرجل ، وهو يصلي ، والرجل بين يدي المرأة ، وهي تصلي ، ولا بأس بذلك في هذا المكان.
الإعراب :
للذي اللام للتأكيد ، والذي خبر ان ، وبكة ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الذي ، تقديره استقر ، ومباركا حال من الضمير في استقر ، أو من الضمير في وضع ، ومقام ابراهيم بدل من بينات ، أو خبر مبتدأ محذوف ، تقديره هي مقام ابراهيم ، وحج بفتح الحاء ، وكسرها مبتدأ ، وخبره لله ، ومن استطاع بدل من الناس ، وهو بعض من كل.
المعنى :
(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ). سبق الكلام مفصلا في تفسير الآية ١٤٢ وما بعدها من سورة البقرة عما قال اليهود حول تحويل القبلة من بيت المقدس الى الكعبة ، ولهذه الآية صلة بآيات سورة البقرة ، بخاصة قول السفهاء هناك : «ما ولاهم عن قبلتهم».
وقوله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) لا دلالة فيه انه أول بيت وجد على وجه الأرض ، بل هو ظاهر في انه أول بيت وضع للطاعات والعبادات ، لأن الناس ، كل الناس ، شركاء فيه ، وبديهة ان الناس جميعا لا يشتركون في بيت واحد الا إذا كان موضوعا لجهة عامة ، كالعبادة والطاعة ، أما سائر البيوت فكل بيت منها يختص ببعض الناس دون بعض.
ثم ان بعض أهل التفسير سودوا الصفحات في التحقيق ونقل الأقوال في الكعبة : هل هي أول بيت بني على وجه الأرض ، أو غيرها أسبق في البناء .. ولا جدوى وراء هذا البحث ، لأنه لا يمت الى أصول الدين ، أو فروعه بسبب ، ولا يطلب الاعتقاد به إيجابا ولا سلبا.