(مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ). والمراد بالبركة هنا زيادة الثواب ، قال رسول الله (ص) : «فضل المسجد الحرام على مسجدي كفضل مسجدي على سائر المساجد ... صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه .. من حجّ ولم يرفث ، ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه .. الحج المبرور ليس له أجر الا الجنة». الى غير ذلك كثير .. اما ان المسجد الحرام هدى للعالمين فلأنه يذكر بالله سبحانه ، ويوحي بالخشوع والخضوع.
(فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ). كأنّ سائلا يسأل : ما الدليل على ان الكعبة قديمة ، وانها أول بيت وضع للعبادة ، وليس بيت المقدس؟.
وهذه الآية تصلح جوابا عن هذا السؤال ، لأن ابراهيم قديم ، وهو الذي بنى الكعبة ، فتكون قديمة بقدم بانيها ، أما بيت المقدس فقد بناه سليمان ، وهو يسمى معبد سليمان حتى الآن ، وبين ابراهيم وسليمان عدة قرون .. ونقل صاحب تفسير المنار عن كتب اليهود ان سليمان بنى بيت المقدس سنة ١٠٠٥ قبل الميلاد .. والدليل على ان ابراهيم هو الذي بنى الكعبة الآثار الواضحة والموجودة حتى الآن ، منها مقام ابراهيم ، فإن العرب ما زالوا يتناقلون بالتواتر أبا عن جد ان هذا الجزء الخاص من المسجد الحرام كان موضع قيام ابراهيم للصلاة والعبادة. فكما دل اسم معبد سليمان على انه هو باني بيت المقدس ، فإن اسم مقام ابراهيم يدل على انه هو باني الكعبة ، وانها قديمة بقدمه.
(وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً). تقدم تفسيره في الآية ١٢٥ من سورة البقرة ، وهي قوله تعالى : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً). والفضل في ذلك لدعوة ابراهيم (ع) : (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً). أيضا مر تفسيره في الآية ١٢٦ البقرة.
(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) الاستطاعة نوعان : عقلية ، وهي مجرد إمكان الوصول الى مكة ، وهذه ليست بشرط. وشرعية ، وهي القدرة الصحية والمالية ، والأمن على النفس والمال ، والرجوع الى كفاءة ، فإذا تم ذلك كان الحج حتما وفرضا .. والتفصيل في كتب الفقه.
(وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ). المراد بالكفر هنا الجحود إذا