اللغة :
اعتصم بالشيء إذا تمسك به حذرا من الوقوع فيما يكره ، وشفا الشيء حرفه ، يقال أشفى على الشيء ، أي أشرف عليه.
الإعراب :
جميعا حال من الضمير في اعتصموا ، أي كونوا مجتمعين في الاعتصام ، ولا تفرقوا أصلها لا تتفرقوا ، فحذفت احدى التاءين للتخفيف.
المعنى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ). حذر الله سبحانه في الآيتين السابقتين أهل الكتاب من معاندة الحق ، وصد المؤمنين عن سبيله ، وحذر في هذه الآية المؤمنين من الإصغاء الى فريق من أهل الكتاب يحاول إضلال المؤمنين وفتنتهم عن دينهم.
وروي في سبب نزول هذه الآية ان بعض اليهود قصد إيقاظ الفتنة بين الأوس والخزرج ، وتفريق كلمتهم بعد أن جمعها الله على الإسلام ، فأخذ يذكّرهم بما كان بينهم في الجاهلية من العداء والقتال ، بخاصة يوم بغاث ، وهو يوم اقتتل فيه الأوس والخزرج ، وكان الظفر فيه للأوس ، فثارت الحمية في رؤوسهم ، وكادت الفتنة أن تقع بينهم لولا أن تداركها رسول الله (ص).
والآية تنطبق على هذه الواقعة ، كما تنطبق على محاولة المبشرين المسيحيين في هذا العصر ، وعلى جميع المحاولات التي يهدف من ورائها بعض أهل الكتاب وغيرهم الى تفتيت كلمة المسلمين ، وصرفهم عن دينهم ، والشعور بوطنيتهم وحريتهم ، ليقعوا فريسة سائغة لكل ناهب وغاصب .. وهذا ما يفعله اليوم المستعمر الغربي مع العرب والمسلمين .. ولا تقع المسئولية عليه وحده ، بل يشاركه فيها العملاء الأدنياء الذين أطاعوه وساروا في ركابه ، وكفروا بعد ايمانهم