بدينهم وأوطانهم ، وعلى هذا فإن الآية تنطبق على هؤلاء العملاء ، كما تنطبق على دعاة الفتنة والفساد ، ورواد الكفر والضلال ، سواء أكانوا من أهل الكتاب أم من غيرهم ، شرقيين وغربيين.
وأيضا ينطبق قوله تعالى : (إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ) ينطبق على تقليد نسائنا للغرب في التهتك والتبرج ، واستخفاف شبابنا بالدين والأخلاق ، وعلى كل عادة مضرة ومحرمة اقتبسناها من الأجانب .. ان الآية ظاهرة في النهي عن اطاعة اهل الكفر في الكفر والارتداد عن الإسلام ، ولكن السبب الموجب عام يشمل كل تقليد ومتابعة تغضب الله والرسول.
(وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ). أي لا ينبغي لمسلم ان يتأثر ، ويلتفت الى إضلال المضللين ، ويتبع الكافرين في أخلاقهم وعاداتهم ، وهو يتلو القرآن الكريم ، ويستمع الى النبي العظيم ، يبين الحق ويزيح عنه كل شبهة ، قال نظام الدين الحسن بن محمد النيسابوري في تفسير غرائب القرآن : «أما الكتاب فإنه باق على وجه الدهر ، وأما النبي (ص) فإن كان قد مضى الى رحمة الله فإن نوره باق ، لأن عترته وورثته يقومون مقامه ، ولهذا قال : «اني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا : كتاب الله وعترتي».
(وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ). الاعتصام بالله هو التمسك بدينه ، والدين عند الله الإسلام ، وهو بالذات الصراط المستقيم ، والمقصود ان من اعتصم بالله حقا فلا يحيد ، ولن يحيد عن الإسلام ، مهما تكن المحاولات والاغراءات.
ولك أن تسأل : لقد جاء في الآية ٥٦ من سورة هود : (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وقد فسرت الصراط المستقيم بالإسلام ، فيلزم على هذا أن يكون الله على دين الإسلام؟.
الجواب : ان الصراط المستقيم يراد به الإسلام إذا نسب الى العبد ، أما إذا نسب الى الله تعالى فإن المراد به العدل والحكمة ، أي انه عز وجل يدبر الأمور بعدله وحكمته ، ولا يحيد تدبيره عن هذا المنهج.