بأمور الناس ، وان من لا يهتم إلا بنفسه وذويه فهو ناقص الإيمان. وقد جاء في الحديث : من لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم.
٢ ـ (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ). كل من قنط من رحمة الله ، أو ظن انه تعالى قد فعل ما لا ينبغي فعله فقد ظن به ظن الجاهلية .. ومن هؤلاء الذين قالوا يوم أحد : لو كان محمد نبيا لما سلط عليه المشركون جاهلين أو متجاهلين ان الحرب سجال ، وان الأمور بخواتيمها.
٣ ـ (يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ). أي ليس لنا من الأمر شيء .. وقد أمر الله نبيه الأكرم أن يجيبهم بأنه لا أمر لكم ولا لغيركم ، وانما هو لله وحده : (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ). وما علينا نحن الا السمع والطاعة ، فهو نظير قوله تعالى : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ). وقد مر تفسيره في الآية ١٢٨ من هذه السورة : (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ) من التكذيب والنفاق (ما لا يُبْدُونَ لَكَ). من ذلك انهم (يَقُولُونَ) ـ أي في أنفسهم ـ (لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا). أي لو كان الأمر لنا ما خرجنا الى القتال ، ولو خرجنا لأدرنا المعركة ادارة حكيمة ، ولم يقتل أحد هاهنا ، أي في أحد .. فقول المنافقين أولا : (هل كان لنا من الأمر شيء). ثم قولهم : (لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) أشبه بقول القائل : ليس معي دراهم ، ولو كان معي دراهم لفعلت وفعلت.
(قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ). هذا رد على من قال : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا. ووجه الرد ان الحذر لا يدفع القدر ، وان التدبير لا يقاوم التقدير ، سواء أكان أمر القتال لكم أو لم يكن .. وتقدم التفصيل في تفسير الآية ١٤٥ من هذه السورة ، فقرة «الأجل محتوم».
(لِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ). فالحكمة من المحنة يوم أحد انها المحك الذي يميز المؤمن من المنافق ، ويظهر كلا على حقيقته للناس ، لا لله ، لأن الله عليم بذات الصدور .. فالمؤمن يزداد بالابتلاء ايمانا وتسليما ، وأجرا وثوابا ، ويظهر المنافق على ما هو جليا واضحا.