ينطبق على مثل فعلهم ، وعلى قول الأنصاري لهم ، ولكن الآية لم تذكر اسم الفاعلين ، ولا اسم القائل.
ومهما يكن ، فان المنافقين قد أجابوا هذا القائل المؤمن و (قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ). أي ان الأمر بين المسلمين والمشركين لا يتعدى المناورات وعرض العضلات ، ولن يصل الى الحرب والقتال ، ولو تأكدنا ـ ما زال القول للمنافقين ـ من ان الحرب واقعة لا محالة لحاربنا معكم .. وقيل : ان المنافقين أرادوا بجوابهم هذا ان مجابهة المسلمين للمشركين ليس من نوع القتال والحرب في شيء ، وانما هي عملية انتحار ، لتفوق عدو المسلمين عدة وعددا. ولفظ الآية يتحمل المعنيين ، ولكن المعنى الأول أقرب الى دلالة لفظها.
(هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ). أي ان المنافقين أرادوا من قولهم : لا نعلم ان هناك قتالا ، أرادوا أن يخفوا نفاقهم ، ويبتعدوا عن التهم .. ولكن قولهم هذا أدل على نفاقهم ، وأقرب لنصرة المشركين ، لأنه يتفق مع مصلحتهم لما فيه من تثبيط العزائم عن الحرب مع الرسول (ص).
(يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ) : لو نعلم قتالا لاتبعناكم. (ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ). بل فيها الكذب والنفاق. (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) من الكفر به وبرسوله. قال الإمام (علي) : ان لسان المؤمن من وراء قلبه ، وان قلب المنافق من وراء لسانه ، أي ان قول المؤمن انعكاس لما في قلبه ، لأنه لا يقول إلا ما يعتقد ، أما المنافق فان لسانه في معزل عن قلبه ، وانما يتبع لسانه مصالحه الشخصية ، ويتلون كلامه بحسبها.
(الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا). أي قال المنافقون : لو أطاعنا الذين قتلوا يوم أحد مع النبي (ص) ولم يخرجوا معه ما قتل أحد منهم ، كما انّا نحن لم نقتل لأنّا لم نخرج .. وسبق الكلام في ذلك عند تفسير الآية ١٥٦ من هذه السورة.
(قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). كلا ، لا ينجو من من الموت من فر منه ، ولم يعط البقاء من طلبه. قال الإمام علي (ع) : ان الموت طالب حثيث لا يفوته المقيم ، ولا يعجزه الهارب. ان أكرم الموت القتل.