طيب النفس». وتمام القصة عند تفسير الآية ١٦٠ من هذه السورة فقرة : «محمد ومكارم الأخلاق».
(رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا). هذا هو شأن من طلب الحق لوجه الحق ، يفتح قلبه لدعوته ، ويستجيب اليها بمجرد سماعها ، أيا كان الداعي ، فكيف إذا كان سيد الرسل ، وخاتم النبيين؟.
(فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى). فالعبرة بالعمل ، لا بنسب العامل وعنصره ، ولا برجولته وأنوثته ، فالكل سواء في الإنسانية عند الإسلام ، وهذا تقرير لحق المرأة وكرامتها. (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ). فالرجل أبو المرأة ، والمرأة أم الرجل ، وكل منهما أخ وزوج للآخر ، والجميع من أصل واحد ، كلكم من آدم ، وآدم من تراب ، وفي الحديث : «النساء شقائق الرجال». وسبق الكلام عن المرأة في الآية ٢٢٨ من سورة البقرة.
(فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ). بعد ان ربط سبحانه الجزاء بالعمل الصالح ، لا بالعنصر ولا (بالجنس الخشن أو اللطيف) بعد هذا بيّن ان الأعمال التي يضاعف الثواب عليها هي :
١ ـ خروج المؤمن مختارا من وطنه الذي لا يمكن اقامة دينه فيه الى بلد يمكن فيه ذلك ، ومن أجل هذه الآية ، والآية ٩٧ من سورة النساء : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً). من أجل هاتين الآيتين أفتى الفقهاء بتحريم المقام على المستضعف في بلد الكفر الذي لا يستطيع فيه أداء الفرائض ، وشعائر الإسلام ، وأوجبوا عليه الهجرة والرحيل الى بلد مسلم يؤدي فيه ما أوجبه الله عليه إلا إذا عجز ، ولم يتمكن من الهجرة.
ومن المؤسف ان بعض الأغنياء من شبابنا المسلم في هذا العصر يشدون الرحال الى أمريكا وأوروبا لا لشيء إلا للفسق والفجور ، والزنا والخمور.