ونحلة منصوب على المصدر ، ويجوز أن تكون حالا من الصدقات ، أي حال كونها نحلة. والضمير في منه يعود إلى الصدقات بالنظر إلى المعنى ، لأن معناها المهر. ونفسا تمييز. وهنيئا مريئا صفة لمفعول مطلق محذوف ، أي أكلا هنيئا مريئا.
المعنى :
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ). ان مبدأ تعدد الزوجات الى أربع مبدأ مقرر في الشريعة بحكم الكتاب والسنة ، والإجماع قولا وعملا ، بل هذا المبدأ معلوم بضرورة الدين ، ولكنه غير مباح اباحة مطلقة ، بل مقيد بشرط يبرره بضرورة الدين أيضا.
وهنا سؤال يفرض نفسه ، وهو إن المعنى الظاهر من هذه الآية ان من خاف منكم ان لا يعدل في اليتامى فليتزوج اثنتين وثلاثا وأربعا ، ومتى فعل ذلك لا يبقى ظلم ولا جور .. وليس من شك ان هذا المعنى لو كان مرادا لكان أشبه بالهذيان ، إذ لا ربط بين فعل الشرط وجوابه .. حاشا القرآن الكريم الذي فصلت آياته من لدن عليم حكيم؟!.
والجواب عن هذا السؤال واضح وبسيط ، ولكن اختلاف أجوبة المفسرين وتضاربها ترك القارئ في حيرة لا يهتدي الى شيء .. ويتلخص الجواب بأن الكلام منذ بدايته موجه الى أوصياء اليتامى ، وهم المقصودون بالخطاب في قوله تعالى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ). (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ). (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ). وبعد هذه الخطابات المتعلقة بأموال اليتامى خاطب الله سبحانه الأوصياء بخطاب آخر يتعلق بنكاح اليتيمات ، وهو (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) الخ أي في نكاح اليتامى ، فحذف لفظ نكاح لدلالة فانكحوا عليه ، من باب حذف الأول لدلالة الثاني ، على حد تعبير النحاة ، ويكون تقدير الكلام هكذا : هذا فيما يعود إلى أموال اليتامى ، أما فيما يعود إلى نكاح الإناث منهم فعليكم أيها الأوصياء ان تزوجتم بهن ان لا تقصروا في حقوقهن ، وان خفتم التقصير وعدم العدل في معاملتهن بالنظر الى انهن وحيدات لا أحد يدافع عنهن فاتركوهن ،