الله لأهل بيت خيرا رزقهم الرفق في المعيشة ، وحسن الخلق. وقال الإمام علي (ع) : لا يذوق المرء حقيقة الايمان ، حتى يكون فيه ثلاث خصال : الفقه في الدين ، والصبر على المصائب ، وحسن التقدير في المعاش.
لقد ربط الإمام بين حقيقة الايمان ، وحل مشكلة العيش في هذه الأرض ، لأن حسن التقدير في المعاش معناه إتقان العمل ، وصرف الانتاج في وجهه النافع .. وهذا دليل قاطع على ان الدين لا ينفصل عن الحياة ، وانه شرع من أجل حياة لا إشكال فيها ولا تعقيد .. ومن فصل الدين عن الحياة ، ونظر اليه على انه مجرد طقوس وشعارات ، وزهد ومغيبات فهو اما جاهل أخذ الدين ممن يتكسبون به ، واما معاند للحق والبديهة.
وعند تفسير الآية ١٨٢ من سورة آل عمران ، فقرة : «الغني وكيل لا أصيل» ذكرنا ان المال كله لله ، وان الإنسان مأذون بالتصرف فيه ضمن حدود خاصة ، فإذا تجاوزها كان من الغاصبين ، فارجع اليه فإنه يتصل بهذا الموضوع ، وقد نعود اليه مرة أخرى إذا عرضت آية تتعلق به ، ونأتي بما يتمم أو يوضح ما ذكرناه هنا وهناك .. فإن الفكر لا يحيط بالشيء من جميع جهاته ، بخاصة إذا كان مثل موضوع الايمان والعيش ، وإنما يتجه الفكر بكله إلى جهة من الجهات حين تومئ اليها آية أو رواية أو حادثة من الحوادث.
(وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ). الخطاب لأولياء السفهاء ، والمراد به أن ينفق الأولياء على السفهاء كل ما يحتاجون اليه من مأكل وملبس ومسكن وتعليم وزواج ، وما إلى ذلك.
وتسأل : لما ذا قال فيها ، ولم يقل منها؟.
الجواب : لو قال (منها) لكان المعنى ان يأكل السفيه من أصل ماله ، فينقص المال بذلك ، وربما استهلكه كله ان طال المدى ، أما في فإنها ظرف ، ويكون المعنى ان المال يكون محلا للرزق ، وذلك أن يتجر به الولي ، ويستثمره ، وينفق على السفيه من الناتج ، لا من أصل المال.
سؤال ثان : لما ذا خص الكسوة بالذكر ، مع العلم بأن رزقهم يشمل الكسوة؟