والواجبات ، بل وفي بعض الغرائز النفسية أيضا ، وعليه فمن يطلب التساوي في جميع الحقوق والواجبات بينهما فقد ابعد ، تماما كمن يطلب التفاوت في الجميع ، والصواب انهما يشتركان في أكثر الحقوق ، أو الكثير منها ، وأهمها المساواة أمام الله والقانون ، وحرية التصرف في المال ، واختيار شريك الحياة. ويفترقان في بعض الحقوق .. وعند تفسير الآية ٢٢٨ من سورة البقرة ذكرنا ١٤ فرقا بين الرجل والمرأة في الشريعة الإسلامية. أما الآية التي نفسرها فإنها تفيد :
١ ـ ان الرجال قوامون على النساء ، والمراد بالرجال هنا خصوص الأزواج ، وبالنساء خصوص الزوجات ، وليس المراد بالقيام على المرأة السلطة المطلقة ، بحيث يكون الزوج رئيسا دكتاتوريا ، والزوجة مرءوسة له ، لا ارادة لها معه ولا اختيار ، بل المراد ان له عليها نحوا من الولاية ، وقد حدد الفقهاء هذه الولاية بجعل الطلاق في يد الزوج ، وان تطيعه في الفراش ، ولا تخرج من بيته الا بإذنه ، وهما فيما عدا ذلك سواء : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
٢ ـ ان الله سبحانه ذكر سببين لهذا النحو من ولاية الزوج على الزوجة ، وأشار الى السبب الأول بقوله : (بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ). والى السبب الثاني بقوله : (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ). ونبدأ بالسبب الأول .. فالضمير في (بعضهم) يعود على النساء والرجال معا ، وذكّر الضمير من باب التغليب ، والمراد ببعض الأولى الرجال ، وببعض الثانية النساء.
وتسأل : لما ذا قال تعالى : (بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) ولم يقل بما فضلهم عليهن ، مع انه أخصر وأظهر؟.
الجواب : لو قال : فضلهم عليهن لفهم منه تفضيل جميع أفراد الرجال على جميع أفراد النساء ، وهذا غير مقصود ، لأنه بعيد عن الواقع ، فكم من امرأة هي أفضل من ألف رجل ، فجاء لفظ بعض للاشارة الى أن هذا التفضيل انما هو للجنس على الجنس من حيث هو بصرف النظر عن الأفراد.
وقد أبهم سبحانه ، ولم يبين وجه الأفضلية ، حيث قال : (بِما فَضَّلَ اللهُ) وكفى .. وقال المفسرون وغيرهم : ان الرجل أقوى من المرأة في تكوينه العضوي والعقلي ، وأطالوا الكلام والاستدلال ، ومنهم من ألّف كتبا خاصة في هذا الموضوع.