والذي نشاهده ان الأعمال الجليلة في ميدان العلم والدين والفن والفلسفة والسياسة كلها من الرجال ، لا من النساء ، وإذا وجدت امرأة ، لها دور في ذلك فهي من الطرائف والنوادر .. وبديهة ان الشاذ النادر يؤكد القاعدة ، ولا ينفيها .. وفوق هذا شاهدنا المرأة تهتم قبل كل شيء بالتفصيلات والأزياء التي تجسم أنوثتها ، وتبرزها عريانة ، وتلونها بكل ما يجذب الرجل ، ويلهب شعوره نحو الجنس اللطيف .. ومن هنا كانت بيوت الأزياء ومبتكرات التفصيل للنساء ، دون الرجال ، ولا تفسير لاهتمام المرأة بانوثتها ، وانصراف الرجل الى جليل الأعمال في ميادين الحياة الا التباين في الغرائز والتكوين النفسي بين الاثنين.
أما السبب الثاني لأفضلية الرجل فقد بينه سبحانه بقوله : (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) كما أشرنا ، وهو واضح لا إبهام فيه كالسبب الأول ، لأن الذي يتحمل مسؤولية الإنفاق على غيره لا بد أن يكون أفضل من الذي لا يطلب منه شيء ، حتى الإنفاق على نفسه .. ان هذا حامل ، وذاك محمول.
وتجدر الاشارة الى ان قوله تعالى : (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) يشعر بأن الزوج إذا لم ينفق على زوجته لم يكن قواما عليها ، وكان لها ، والحال هذه ، ان تطلب من الحاكم الشرعي الطلاق ، وعلى الحاكم أن ينذر الزوج ، فان امتنع عن الإنفاق لعجز أو عنادا أمره بالطلاق ، فان امتنع طلّقها عنه ، لأن الحاكم ولي الممتنع ، وعلى هذا مالك والشافعي ، وجماعة من علماء الشيعة الامامية ، منهم السيد صاحب العروة الوثقى وملحقاتها ، والسيد محسن الحكيم ، ونحن على هذا الرأي .. وعقدنا لهذه المسألة الهامة فصلا مستقلا في الجزء السادس من كتاب «فقه الإمام جعفر الصادق» بعنوان : طلاق الحاكم لعدم الإنفاق ، عرضنا فيه الأقوال والأدلة بنحو من التفصيل.
(فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ). الزوجة الصالحة هي الموافقة لزوجها ، الحافظة لنفسها حسبما أمر الله وأراد ، فلا تعصيه في شيء أباحه الله له ، ولا تعطيه في شيء حرمه الله عليه وعليها ، قال رسول الله (ص) : «خير النساء التي إذا نظرت اليها سرتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك».