الصلاة ، من باب اطلاق الحال على المحل ، والكائن على المكان ، ومنه اطلاق اسم القهوة على المكان الذي تشرب فيه ، وأكثر المفسرين على المعنى الأول ، وهو أظهر من ارادة المسجد.
٣ ـ اختلفوا أيضا : هل المراد بالسكر سكر الخمر ، أو سكر النوم والنعاس؟ والظاهر من السكر الشراب ، لا النعاس.
٤ ـ جاء على لسان بعض الرواة ان جماعة من الصحابة اجتمعوا عند أحدهم ، فصنع لهم طعاما وشرابا قبل أن يبين الله حكم الخمر ، فأكلوا وشربوا ، فلما ثملوا جاء وقت الصلاة ، فقدموا أحدهم ليصلي بهم ، فخلط في صلاته ، وحرّف آية من القرآن.
وقد تتبع الشيخ محمد جواد البلاغي (١) في تفسيره آلاء الرحمن ، وأثبت كذب هذه الروايات بالأرقام ، وتتلخص نتيجة بحثه الدقيق بأن الترمذي روى ان صاحب الدعوة هو عبد الرحمن بن عوف ، وان عليا كان إمام الجماعة .. وروى أبو داود ان صاحب الدعوة رجل من الأنصار ، وكان عبد الرحمن من جملة المدعوين .. وابن جرير الطبري قال في تفسيره ، والسيوطي في الدر المنثور : ان إمام الجماعة كان عبد الرحمن بن عوف. وفي الدر المنثور أيضا ان الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن وسعد ، وان صاحب الدعوة هو علي. وفي مسند أحمد والنسائي ان عمر قال : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا ، فنزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى).
وكما اضطربت الروايات في الداعي ، والإمام والمأموم كذلك تناقضت وتضاربت في الآية التي حصل فيها التحريف ، فرواية تقول : ان إمام الجماعة قال :
__________________
(١) هو من كبار علماء الإمامية ، وكان دؤوبا صبورا على العلم والبحث والتأليف لا يفتر عنه ليل نهار ، وأتقن اللغة العبرية ، وعرف أسرار اليهودية ، ونشر الكثير من معايبها ، وله : الهدى إلى دين المصطفى ، وأعاجيب الأكاذيب ، والتوحيد والتثليث ، والرحلة المدرسية ، وغيرها ؛ ومن تنكره لذاته وأنانيته ، وانصرافه لله وحده كان لا يضع اسمه على كتاب أنفق في تأليفه زهرة حياته ، وحين سئل عن السبب قال : لعلي أخطأت في بعض ما قلت ، فيطعن الذي في قلبه مرض على الطائفة التي أنا منها بسببي. توفي سنة ١٣٥٢ ه.