المريض .. وإذا وجد المريض الماء ، وخاف الضرر من استعماله فهل يتيمم ، أو يستعمل الماء ، حتى مع خوف الضرر؟. وقد اتفق الفقهاء على ان المريض يتيمم مع وجود الماء إذا خاف من استعماله ، واستدلوا بحديث : «لا ضرر ولا ضرار» ، وبما روي ان بعض الصحابة أصابته جنابة ، وكان به جراحة عظيمة ، فسأل بعضهم ، فأمره بالاغتسال ، فلما اغتسل مات ، وحين سمع النبي (ص) بذلك قال : قتلوه قتلهم الله. وعليه يكون قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) قيدا لجميع الأصناف المذكورة في الآية ، دون استثناء.
هذا هو المعنى الذي دلت عليه عبارة الآية بالاصالة ، لا بالتبع ، أما المعنى الذي تدل عليه بالتبع لوجود ان الشرطية ، والمعبر عنه بلسان الفقهاء وعلماء الأصول بمفهوم الشرط ، أما هذا المعنى المفهوم بالتبع فانه يوجب على كل واحد من الأصناف الأربعة أن يستعمل الماء إذا وجده ، ولا يجوز له التيمم بحال ، حتى ولو تضرر من استعماله .. ولكن قد علمت مما تقدم ان الفقهاء قد أجمعوا ، وان السنة النبوية قد دلت على ان المريض يتيمم مع وجود الماء ، وخوف الضرر من استعماله ، وعليه فلا بد من إخراج المريض من هذا المعنى المفهوم بالتبع ، وإبقاء الأصناف الثلاثة الذين يجب عليهم استعمال الماء بموجب هذا المفهوم التبعي ، إذا وجدوا الماء.
واختصارا ان الأصناف الأربعة يتيممون ، مع عدم الماء ، ما في ذلك خلاف ولا ريب ، اما مع وجود الماء فيستعمله من لا يخاف الضرر على نفسه من استعماله ، اما من مرض مرضا يخاف معه من استعمال الماء فيدعه ويتيمم.
٢ ـ المسافر ، وتدل الآية على انه يتيمم إذا لم يجد الماء ، سواء أكان سفره طويلا ، أم قصيرا ، وهذا محل وفاق عند الجميع ، ولكن اختلفوا في الحاضر غير المريض الذي لم يجد الماء : هل يتيمم ويصلي ، أو تسقط عنه الصلاة من الأساس؟.
قال أبو حنيفة : تسقط عنه الصلاة ، لأن ظاهر الآية ان التيمم يسوغ في السفر ، لا في الحضر.
واتفقت بقية المذاهب على ان فاقد الماء يجب عليه أن يتيمم ويصلي ، سواء